السؤال
أنا شاب من فلسطين أبلغ من العمر 23 عاما، لقد كنت طوال السنين الماضية أعبد الله حق عبادته قدر المستطاع وأصلى الفجر بالمسجد الأقصى كل يوم حاضرا... وأوتي العبادات الأخرى حقها كالصوم وغيرها من العبادات وقد أديت العمرة قبل أربع سنوات.. لقد كنت سعيداً في حياتي متوكلاً على الله مطمئناً متلذذاً بالإيمان وفي العبادات، لكن لا أعلم لماذا هذا الشعور بالإيمان أخذ يتبدد شيئاً فشيئاً قبل عدة أشهر (في غضون أسبوعين فقط) فقد أصبحت في ريبة من أمري أصبحت أشك في الإسلام في أنه الدين الحق أم لا، وأصبحت أشك في وجود الله مما أدى إلى قلب حياتي إلى جحيم فشعرت كأني ضائع في عرض البحر أبحث عن أي شيء لكي أهتدي به إلى الطريق ودمت على هذا الحال مدة أربعة أشهر، لا أشعر بأني مسلم أو بأني غير ذلك أيضاً وبدأت بالبحث والتفكير والاستدلال على وجود الله وعلى صحة الإسلام فبت في وضع لا أحسد عليه مع أني طوال هذه الفترة كنت أصلي ولا أنام عن صلاه العشاء وكنت أدعو بأن يفرج الله عني هذه المحنة الصعبة كنت لا أعلم إن مت هل أكون في عداد الكفار أم المسلمين!!!! أما ما أنا عليه الآن هو أني أصلي الصلوات الخمس كروتين أصبح في حياتي لا أستشعر وجود الله، لا أتلذذ بالصلاة والدعاء أي لا أحس بوجود الله من حولي أو أنه يراني أصبحت خائفاً مضطرباً أخاف المرض والموت، أردت أن أتزوج لكني خائف أن أمرض بعد أن أتزوج أو أن تمرض زوجتي مما سيزيد من ألمي في هذه الحياة، يراودني في بعض الأحيان شعور بأن الإسلام ليس بالدين الصحيح أصبحت أفكر بالديانات الأخرى (للأسف) ولكني أعود وأقنع نفسي بالإسلام...... هذه هي حالتي لا أدري ما أفعل ولماذا أصبحت في هذه الدوامة مع أني لا أرتكب المعاصي ومواظب على الصلوات والعبادات لكن بدون أي استمتاع لكن كروتين كما سبق وقلت، لكن الغريب أني أخاف أن أضيع إحدى الصلوات لخوفي من الله تعالى، لكن هذا يناقض الكلام أعلاه في شكي بوجود الله وصحة الإسلام...اعتقدت أنه يوجد بداخلي جن أو أنه معمول لي عمل..لا أعلم، وهل إن مت هل أعد مسلماً أم كافراً؟أنقذوني مما أنا فيه صدقوني أنا في مصيبة كبرى أصبحت تائهاً في هذه الدنيا لا أعلم هل أنا إنسان صالح و يحبني الله أم لا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب عليك أن تقطع هذه الوساوس عنك وأن لا تسترسل معها، إذ إن الشيطان حريص على الكيد لأهل الإيمان بالوسوسة لهم والتلبيس عليهم، قال الله تعالى حاكياً قول إبليس اللعين: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17}.
ولم ينج أحد من كيد الشيطان إلا من عصمه الله تعالى، حتى إن بعض الصحابة قد شكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجد من وسوسته، فأرشده إلى كيفية رده، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 12436، 13369، 48325.
واعلم أن هناك فرقاً بين وساوس الشيطان التي تخطر على قلب العبد وهي غير مؤثرة في إيمانه، وبين الشك والريب الذي يذهب باليقين ويضر بالإيمان، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56097 وما تفرع عنها من فتاوى، واتبع النصائح التي فيها.
وأكثر من دعاء الله جل وتعالى أن يهديك وأن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يطهر قلبك من النفاق، وأن يقوي إيمانك ويرزقك الخشوع في الصلاة، وتحر في دعائك أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وأثناء السجود، وانظر الفتوى رقم: 8759.
هذا، وإن من أهم أسباب الاستقامة على دين الله اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المؤمن المتوضئ، ففتش عنهم، وانخرط في سلكهم، واعبد الله معهم، وشاركهم في طلب العلم النافع، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ {الكهف:28}، واشهد الصلاة في جماعة، واجعل لك ورداً يومياً من كتاب الله تقرؤه بتدبر، فإنه شفاء لجميع أمراض القلوب والأبدان، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا {الإسراء:82}، وحافظ على ذكر الله تعالى، وخصوصاً الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وأدبار الصلوات وعند النوم، وتجدها وغيرها في كتاب (حصن المسلم) للقحطاني، وأكثر من سماع الأشرطة الإسلامية.
واطرح عن قلبك خاطر أن ما بك هو سحر أو مس من الشيطان، فإنك قادر على رد كيده، إذا استعنت بالله وذكرته كثيراً، واتبعت التدابير التي نصحناك بها، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 52270، والفتوى رقم: 54711.
والله أعلم.