السؤال
هل تصح تحية المسجد بعد أذان المغرب ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تحية المسجد مأمور بها على وجه الاستحباب عند جمهور الفقهاء، ويطالب بها كل من دخل المسجد وقت جواز النافلة، وهذا محل اتفاق بين العلماء، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
وقد عد المالكية الوقت الذي يكون بين أذان المغرب وصلاة المغرب من أوقات النهي عن النافلة وعللوا ذلك بضيق الوقت مع أن النهي عن الصلاة في هذا الوقت ليس محل اتفاق بينهم.
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو من كبار فقهاء المالكية: واختلف فيما بين الغروب وصلاة المغرب على ثلاثة أقوال، المشهور وقت نهي، وقيل لا، واختاره ابن رشد لمن دخل المسجد لا لمن كان فيه وإذا فرعنا على المشهور فكان شيخنا رحمه الله يفتي بجواز الجلوس ولا يرجح الوقوف وكان شيخنا أبو محمد الشبيبي يرجح وقوفه حتى تقام الصلاة للخروج من الخلاف إلى أن قال: وقال ابن رشد لا خلاف بين أهل العلم أن الصلاة قد حلت بغروب الشمس إلا أن صلاة المغرب قد وجبت بغروب الشمس فلا ينبغي لأحد أن يصلي نافلة قبل صلاة المغرب. انتهى.
إلا أن ما ذهب إليه المالكية هنا من كراهة النفل قبل صلاة المغرب وبعد الغروب وإن كان لداخل المسجد يقدم عليه صريح الأحاديث الصحيحة مثل الحديث المتقدم فيمن دخل المسجد، ومثل حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا قبل المغرب،صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء. رواه البخاري. وفي الصحيحين عن ابن مغفل أيضا: بين كل أذانين صلاة.
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم في باب استحباب ركعتين قبل المغرب قال: فيه حديث صلاتهم ركعتين بعد الغروب وقبل صلاة المغرب إلى أن قال: وفي هذه الروايات استحباب ركعتين بين الغروب وصلاة المغرب. انتهى.
ومن خلال هذا يتبين للسائل الكريم أن تحية المسجد تصح بعد أذان المغرب وقبل صلاته، وأن ذلك موافق لأمره صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
قال النووي رحمه الله ردا على من زعم أن الركعتين بعد الأذان تؤديان إلى تأخير المغرب: وأما قولهم يؤدي إلى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت إليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها، وأما من زعم النسخ فهو مجازف لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني