السؤال
توضيح السؤال رقم (27070)، نسمع -أحيانا- عن براءة أو تبرؤ آباء من أبنائهم أو بناتهم لجرم ارتكبوه أو خطأ اقترفوه، فهل يجوز ذلك، وهل يجوز العكس(براءة الأبناء من الآباء)، متى تكون الأولى ومتى الثانية، وهل للأخ أن يتبرأمن أخيه والأخت من أختها... إلخ، وهل (البراءة) مشروعة، وماذا يترتب عليها من أحكام؟ جزاكم الله خير الجزاء... آمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود بالبراءة المذكورة البراءة من عمله السيئ فهذا لا حرج فيه، فقد قال تعالى لنبيه: فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ {الشعراء:216}، فقد أمره الله تعالى أن يتبرأ من معصية أتباعه، قال الإمام الألوسي في روح المعاني: فإن عصوك يا محمد في الأحكام وفروع الإسلام بعد تصديقك والإيمان بك وتواضعك لهم فقل إني بريء مما تعملون من المعاصي، أي أظهر عدم رضاك بذلك وإنكاره عليهم..
وأما إذا كان المقصود بالبراءة نفي النسب فقد نص أهل العلم على أن أسباب ثبوت النسب تنحصر في أربعة، ذكرها ابن القيم في كتابه زاد المعاد حيث قال: وجهات ثبوت النسب أربعة: الفراش، والاستلحاق، والبينة، والقافة، فالثلاثة الأول متفق عليها. انتهى.
وعلى هذا، فمن ثبت نسبه على هذا النحو المذكور فلا يجوز نفيه عنه ولا أن ينتسب إلى غيره، وذلك للوعيد الوارد في ذلك، ففي الأول ورد قوله صلى الله عليه وسلم: وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه النسائي وأبو داود.
واستثنى العلماء من هذا ما إذا علم الزوج بزنا زوجته فله أن ينفي الولد بلعان، وأما الانتساب إلى غير الأب فقد ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم: لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر. متفق عليه.
فبان مما سبق حرمة نفي الأب لأبنائه من غير موجب شرعي، أو نفي الأبناء انتماءهم لأبيهم، وكذا نفي الأخ لنسب أخيه، أو نفي الأخت لنسب أختها، وكذلك الآثار الشرعية المترتبة على النسب من إرث وتعصيب ونحوهما لا يستطيع أحد رفعها أبا كان أو أما أو أخاً أو أختاً أو غير ذلك.
والله أعلم.