الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدراسة في جامعة أجنبية عبر الإنترنت أولى من الجامعة المختلطة

السؤال

أنا أخت أكرمني الله بالحجاب الشرعي، وقد رفضت دخول الجامعة والتعلم فيها لما فيها من المفاسد مع ضعفي وأنا أواجه -كما يواجه الإخوة والأخوات- صعوبات من أهلي في تقبل هذين الأمرين وهما نقابي والجامعة... أما عن نقابي فأنا لن أتهاون ولن أتراجع -إن شاء الله- وأما عن الجامعة فأنا أيضا لن أدخلها مهما حدث، ولكن هنا يأتي تيسير الرحمن ولا أدري أيضا إن كان فتنة، وهو أني وجدت أحد المواقع التي يمكن للطالب الدراسة فيها عبر شبكة الإنترنت وبالمراسلة وهي جامعة معترف بها وقد عرفناها من قبل أحد الأشخاص الذي درس فيها ولم يكن له شهادة غيرها وقد عمل بالشهادة وفي أماكن مرموقة وهذا يدل أن حاملي هذه الشهادة مطلوبين وهذا لا يعني أني أريد العمل ولكن كل ذلك لإرضاء أبواي وهنا تأتي المعضلة وهي أن هذه الجامعة في أمريكا... ونظرا للمقاطعة الأمريكية وبأدلة(ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فأنا متخوفة من ذلك، فأنا أرجو الفتوى مع العلم أني في أشد الحاجه لهذا وإلا فأنا سأواجه بالضرب والإهانة وقد يتمادى أبي حتى الموت لأنه يضربنا بلا شعور ويندم من حيث لا ينفع الندم والله المستعان فأرجو الإفادة ووضع النظر في أني مضطرة جدا..؟ وجزاكم الله خير الجزاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا نهنئك بنعمة الله عليك ونسأله أن يتقبل منك، وننصحك بكثرة تذكر نعم الله وشكرها فإن ذلك سبب المزيد والفلاح، قال الله تعالى: فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الأعراف:69}، وقال تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم:7}.

واستعيني بالله تعالى وسليه الثبات وكمال الهداية، والعون على الاستقامة على العبادة، وقد ثبت في ذلك الدعاء المأثور كما في الحديث: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد والحاكم، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن طارق وهو ثقة، وصححه الألباني في الصحيح، وراجعي الفتوى رقم: 31768، والفتوى رقم: 57129 لمعرفة علاج ما إذا خفت من قهر قاهر لك يمنعك من الحفاظ على حجابك ودينك.

واعلمي أن الله تعالى تعبدنا بالطاعة له والبر والإحسان بالوالدين، فقال: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، فإذا أمكن التوفيق والجمع بين طاعة الله وبرهما فذاك وإلا فإن طاعة الله مقدمة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله، وإنما الطاعة في المعروف كما في حديث مسلم: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف.

وبناء عليه فإن تيسر وجود جامعة إدارتها مسلمة وتمكن الدراسة فيها عبر الإنترنت، وفي بريطانيا وسوريا وأمريكا جامعات من هذا النوع- فلا شك أن الدراسة فيها أولى لما فيها من حفاظك على القرار في البيت الذي أمر الله به في قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب:33}، وللسلامة من مخالطة الرجال الأجانب، فإن لم تتيسر ولم تجدي إلا جامعة أمريكية إدارتها غير مسلمة فإن الدراسة بها أولى قطعاً من الدراسة المختلطة التي يلزم فيها الخروج من البيت، ولا يمنع من هذا ما تحسبينه من المقاطعة، فإن الاستفادة مما عندهم والتعامل معهم ينظر فيه بحسب المفاسد والمصالح المترتبة عليه.

فإن كان المسلم محتاجاً لهم ولا يجد بديلاً عنهم فإن أخذ الفائدة أولى، فقد استفاد النبي صلى الله عليه وسلم وعمر من بعض أفكار الكفار، مثل حفر الخندق ووضع الدواوين، وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ابن اريقط دليلاً في الهجرة، واستعار درعاً من صفون، وتوفي ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير، فدل على جواز الاستفادة مما عندهم عند الحاجة.

ولا شك أنه بالموازنة بين المصالح والمفاسد يتضح رجحان المصلحة في الدراسة المنزلية عبر الإنترنت في جامعة أمريكية على الدراسة في الجامعات المختلطة، وننصحك بالحفاظ على صلاة الصبح في وقتها، وأذكار الصباح والمساء وصلاة أربع ركعات أول النهار، ففي الحديث: من صلى الصبح فهو في ذمة الله. رواه مسلم.

وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني، وفي الحديث القدسي: يا بن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره. رواه أحمد وابن حبان والطبراني، وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.

وعليك بالاستعانة بالله تعالى والسعي في الزواج ولو بعرض نفسك على من يرتضى دينه وخلقه بواسطة إحدى محارمه أو أحد محارمك، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد في الموضوع: 32981، 59769، 50982، 20039.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني