الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحجاب عبادة مع ما فيه من حفظ وصون للمرأة

السؤال

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك فيكم , و أن يجزيكم خير الجزاء, وأن يجعل جميع أعمالكم خالصة لوجه الكريم, و أن يتقبلها منكم, اللهم آمين. فتاة مسلمة تبلغ من العمر 19 عاما, تعاني من حدوث مشكلة مع والدتها –حفظها الله ورعاها- كلما تضطر للخروج , وقبل ثلاثة أيام حدثت مشكلة أدت إلى غضب والدتها كثيرا وعدم التحدث إليها , وسأذكر لكم التفاصيل حتى تروا السبب الرئيسي لهذه المشكلة و تكونوا على دراية بها: (خططت العائلة لزيارة بعض الأقارب, فعندما قرب وقت موعد الزيارة بدأت الفتاة تعد نفسها. وحين قاربت على ارتداء غطاء الرأس (الخمار) لم تجده في المكان الذي وضعته. فسألت والدتها: "هل رأيت الخمار ياأمي؟" فقالت: "لا أدري, و لا أعلم أين هو". وبدأت الفتاة والوالدة البحث في أماكن أخرى ولكنهما لم يجداه أبدا. وبدأت الفتاة بالبحث عن خمار آخر , ولكنها أيضا لم تجده! وبعد ذلك, قالت الأم للبنت: "ارتدي هذا الحجاب الأبيض" . فقالت البنت بشكل طبيعي : "لن أخرج إلا بالخمار مهما كان الأمر" لأنها شعرت أن والدتها تعرف مكانه لكنها لا تريد إعلامها به, بالإضافة أنه إن خرجت هذه المرة بالحجاب العادي سيأخذوها حجة عليها في المرات القادمة. فغضبت الأم كثيرا, ووصفت ابنتها بصفات غير حميدة منها : "التعقيد, عدم المسايرة, عدم الأخذ والعطاء, التعصب, تشدد وغيره". و بقيت الوالدة على هذا الحال حتى جاء أخوها من الخارج , ورأى الحال بين الأم و ابنتها, فسأل أخته: ماذا حدث؟ فقالت له: أرجو التأكد من والدتي! فذهب الأخ إلى الوالدة و أخبرته وخلال حديثها قالت: "بأنني سأعمل على تمزيقهم أو حرقهم يوما ما إن ظلت هكذا؛ أي مصممة على عدم الخروج إلا بالخمار. وبعد لحظات قليلة قامت برمي الخمار على الفتاة وقالت لها بطريقة غضب واستهزاء: خذيه. ولقد التزمت الفتاة بالسكوت طوال فترة غضب والدتها, ولم تقل أي كلمة بعد قول : "لن أخرج إلا بالخمار". )وهذه الفتاة هي نفس صاحبة الفتوى رقم (60274 ) , (60817), و بفضل الله عز وجل و رحمته توقفت هذه المشاكل والمعارضات لفترة بعد أن استسلموا من محاولة إقناعي بالرجوع إلى الحجاب المتبرج لكونه أجمل وأرتب ولباس إسلامي ساتر كما يظنون؛ بل هو أفضل لأن ذلك الحجاب (الخمار) يلفت الانتباه , وبارتدائه تعمل على تشويه صورة الإسلام!!!. و لكنها عادت من جديد عندما جاءوا إلى زيارة للأردن, حيث كانوا في الولايات المتحدة الأمريكية.هناك سبب آخر لاعتراضهم عليه, بأن الدين المعاملة و ليس اللباس! فكم من فتاة ترتدي الحجاب الشرعي لكنها في نفس الوقت لا تحترم نفسها و تجعل نفسها رخيصة أمام الشباب!! وكم من فتاة لا تلبس الحجاب الشرعي و ليست ملتزمة به أبدا لكنها تحفظ نفسها ولا تجعل للشباب أي وسيلة أوطريقة للتحرش بها أو مضايقتها!!!! بمعنى آخر, أن اللباس ليس دليلا على عفة و طهارة الفتاة!!!.وسأرفق لكم بعض الروابط حتى تكونوا على بينة عن الحجاب الذي يرغب أهلها في ارتدائه , وبين الذي تفضله لأنها تراه أكثر سترا , واكثر احتشاما , وأكثر تطابقا لصفات الحجاب الشرعي الصحيح الذي أوصانا الله به في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة, وإليكم بها:رابط فيه صورة تقريبية لنوع الحجاب الذي ترتديه و تفضله, لكن (خمارها) يأتي أطول قليلا وبعدة ألوان, - الفتاة ليست ملتزمة بالنقاب لغاية الآن بسبب اعتراض الأهل الشديد جدا على ذلك , والله المستعان) :http://www.alhannah.com/cgi-bin/guide?a;niqabرابط فيه صورة لنوع الحجاب الذي يفضله أهلي – حفظهم الله و رعاهم- :http://www.thecanadianmuslim.ca/lovely_hijabs.html
و أود التنبيه أيضا على أن معظم أغطية الرأس المتوفرة في منطقتها الآن, إما أن تكون خفيفة تصف ما تحته, أو ذات ألوان جذابة مزينة برسومات ناعمة ملفتة! لكن لا أنكر أن هناك أحجبة لا يوجد عليها رسومات لكنها تكون خفيفة غالب الأحيان, غير أنها لا تغطي منطقة الصدر إلا إذا جعلتها متدلية , وهذا يتعارض مع رغبتهم لأنه سيجعلها تبدو غير مرتبة حسب نظرتهم, و يريدون أن تضعه كما هو موضح لكم في الصورة المرفقة :http://www.jelbab.com/product.asp?prdID=3104286
http://www.thecanadianmuslim.ca/catalog/item/1533563/1659028.htm#image_1
بالإضافة إلى رغبتهم في اختيار الألوان الفاتحة سواء كان للجلباب أو غطاء الرأس مثل : الزهري الفاتح, أو الأزرق الفاتح و غيرهم الكثير, و الابتعاد التام عن الألوان الغامقة مثل: البني , أو الكحلي, أو الأسود, أو الخمري, أو الأخضر الغامق.أرجو توجيه كلمة إلى الفتاة و الوالدة معا. و نسأل الله العفو إن سببنا لكم بعضا من الضيق..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنوصي الأخت إضافة إلى ما أوصيناها به في الفتاوى السابقة بالتمسك بحجابها، والصبر على ما تلاقيه من أذى في سبيله، فإنها تثاب على ذلك إن شاء الله، وننصحها بأن يكون تمسكها ذلك، مع التحلي بأقصى ما تستطيع من أسلوب حسن، ورفق ولطف مع أهلها، وقد أحسنت حيث لم ترد على أمها في حال غضبها، وليكن هذا هو ديدنها ، فلا تطيعهم في الخروج دون حجاب، ولا تصطدم معهم، فالسكوت أفضل حال غضبهم، ولا بأس بالحوار في وقته المناسب، ومحاولة إقناعهم. ونصيحتنا للأم أن تتقي الله، وأن لا تقف في طريق التزام ابنتها، ولا تحول بينها وبين طاعة ربها. وأما ما يتحججون به لإقناعها بترك الحجاب، مثل قولهم الدين المعاملة ، نقول صحيح الدين معاملة وهو عبادة أيضا، ومن العبادة الحجاب، وقولهم فكم من فتاة ترتدي الحجاب الشرعي لكنها ... الخ. نقول هذا صحيح، لكن هل يمكن أن يقال كم من شخص يحافظ على الصلاة ولكنه يكذب ويغش وغير ذلك من الأخلاق السيئة، وكم من شخص لا يصلي ولكنه لا يكذب ولا يغش وأخلاقه طيبة، فالصلاة ليست دليلا على أخلاق الشخص، والدين المعاملة، إذا فلا داعي للصلاة، بل الصلاة عبادة في ذاتها، ثم هي تأمر بمكارم الأخلاق وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وكذلك الحجاب فإنه عبادة في ذاته، مع ما فيه من ستر وحفظ للمرأة وصون لها من أن تنظر إليها عين خائنة أو يطمع فيها قلب مريض، أما قولهم إن الحجاب فيه تشويه لصورة الإسلام، فمتى كان الستر والعفة والحياء تشويها، ومتى كان التبذل والسفور والعري جمالا، هذا لعمر الله في نظر أهل الشهوات الذين انقلبت لديهم المفاهيم، فرأوا القبيح حسنا والحسن قبيحا، ثم فرضوا مفاهيمهم المنكوسة بقوة إعلامهم على قلوب الضعاف من المسلمين، والله المستعان. وقد رأينا من خلال الروابط ما أشارت إليه الأخت من الحجاب الذي تراه وما يراه أهلها،، ونكتفي بإحالتها على الفتوى رقم: 6745، التي بينا فيها ضوابط الحجاب الشرعي، فتلك الضوابط مقياس للشرعي من الحجاب وغير الشرعي، فلتراجع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني