الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في الشركات الملوثة للبيئة

السؤال

هل يجوز العمل في الشركات الملوثة للبيئة مثل شركات الكيمياء ؟
أفتونا مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الله تعلى بالمحافظة على البيئة، ودعا إلى استثمار ما فيها من موارد، وعد ذلك من القربات التي يتقرب بها العباد إليه. قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم: 7} وقال: وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ {النحل: 114} وذم الله تعالى الذين يفسدون في الأرض ويبددون خيراتها، فقال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ {البقرة: 205} وقال: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا {الأعراف: 56}

وقد بينا ذلك جليا واضحا في الفتوى رقم: 26914.

وبناء على ذلك، فإنه لا يجوز العمل في الشركات التي تلوث البيئة تلوثا يضر بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.

لكن الأمر الممنوع قد يعرض له ما يبيحه، وذلك للضرورة أو للحاجة، فالقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن أعلى المصلحتين تقدم، وأعلى المضرتين تدفع، وهذا مما أقرته الشريعة وارتضته العقول والأفهام. قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}

وتقدير الضرورة المبيحة لإنشاء مصانع تجلب التلوث على البيئة أمر يرجع فيه إلى ولاة الأمور وأهل التخصص في المجال المسؤول عنه، فإذا أقروا ضرورة إنشاء مثل هذه المصانع فلا مانع من العمل فيها، لكن يجب على من يسمح بمثل هذا أن يراعي الأسس العلمية لتفادي أكبر قدر من الضرر، فإن الضرورة تقدر بقدرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني