السؤال
هل يمكن أن أقترض مالا من عند أختي لأبعث أمي إلى العمرة؟ . مع العلم أن أختي لا تلزمني بالدفع واتفقنا أنه عند وفاتي مثلا ستقوم بأخذ الكمبيوتر الخاص بي فقط ليأخذ كل ذي حق حقه. وأنا عندي القدرة على الدفع في وقت لاحق. وأمي لها رغبة كبيرة في العمرة لزيارة الكعبة والرسول وللدعاء لأخي المريض.
*ما رأيكم في أنه في بلدنا يشترط لتحضير جواز السفر أن تكون الصورة بدون حجاب, هل يجوز لها العمرة بهذا الجواز؟.
وجزا كم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دامت الأخت السائلة تستطيع سداد القرض المذكور -كما ذكرت- فإنه يجوز لها أن تساعد أمها على عمل العمرة ولها في ذلك أجر عظيم إن شاء الله تعالى ، لكن لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم أو رفقة مأمونة ، وللتفصيل في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 22299 .
وينبغي أن تذهب للمدينة بقصد الصلاة في المسجد النبوي ، وإذا وصلت إلى المسجد فلها أن تزور النبي صلى الله عليه وسلم على خلاف بين أهل العلم في جواز زيارة النساء للقبور ؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 34893 ، والفتوى رقم : 24964 . ولها أن تدعو الله عز وجل وتسأله ما تشاء من شفاء مريضها وغير ذلك من الحوائج الدنيوية والأخروية .
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا القرض هو أن الاتفاق الذي حصل بين المقترضة والمقرضة على أنه في حالة موت المقترضة تأخذ أختها جهاز الكمبيوتر الخاص بها لا يفيد شيئاً في حال حدوث موت أو فلس للشخص المقترض قبل حوز الرهن -وهو الجهاز المذكور هنا- هذا عند المالكية لأن الرهن عندهم يبطل بموت الراهن أو فلسه قبل حوزه ، ففي هذه الحالة فلو حدث فلس أو موت للأخت السائلة -عافانا الله وإياها- فإن الجهاز المذكور ليس خاصاً بأختها بل إنه من سائر التركة لأنها لم تأخذه قبل حدوث الموت أو الفلس وتستوي هي وسائر الغرماء فيه ، قال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره : وبطل (أي الرهن) بموت راهنه وفلس قبل حوزه . انتهى
وعند الأحناف والشافعية وهو راوية عند الحنابلة أن الرهن لا يصح إلا بالقبض . قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي : لا يصح الرهن إلا أن يكون مقبوضا من جائز الأمر ، يعني لا يلزم الرهن إلا بالقبض ، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال بعض أصحابنا : ما كان مكيلاً أو موزوناً لا يلزم رهنه إلا بالقبض ، وفيما عداهما روايتان .... إلى أن قال : وقال مالك : يلزم الرهن بمجرد العقد قبل القبض لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع .
وأما عن حكم إصدار الجواز الذي يشترط أن تكون الصورة فيه بدون حجاب ؟ فإن كان المراد أن تكون مكشوفة الرأس بادية الشعر فالجواب أنه لا يجوز التصوير بهذه الحالة لأجل السفر إلى العمرة ، فكما لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم أو رفقة مأمونة فكذلك لا يجوز لها أن ترتكب هذه المعصية لأجل السفر إلى العمرة ، وتعتبر في هذه الحالة غير مستطيعة ، فإن وجدت استثناء أو ألغت السلطة هذا الشرط في الصورة وجب عليها أن تعتمر وتحج إن توفرت لديها شروط الاستطاعة الأخرى ، أما عن العمرة به أو الحج وعليه الصورة المذكورة فالظاهر -والله تعالى أعلم- أنها لا تجوز إذا ترتب على السفر به إبداء الصورة لمن لا يجوز له النظر إلى تلك الصورة ، وذلك لأن الصورة المذكورة لا يجوز نظر الأجنبي لها باتفاق أهل العلم ، وقد نص العلماء على أن الحج إذا ترتب عليه الوقوع في المنكر سقط وجوبه ؛ بل ربما يفهم من كلامهم أنه محرم ، جاء في مواهب الجليل على شرح مختصر خليل سئل المازري عن حكم الحج في زمنه ؟: فأجاب بأنه متى وجد السبيل ولم يخف على نفسه وماله وأمن أن يفتن عن دينه وأن يقع في منكرات أو إسقاط واجبات من صلوات وغيرها فإنه لا يسقط وجوبه ... إلى أن قال : وإن كان إنما يرى منكرات ويسمعها فهذا باب واسع . ا.هــ
وإذا سقط وجوب الحج انتقل إلى الجواز، ومن المعروف أن الجائز إذا ترتب على فعله محرم حرم هو . لكن إذا أقدمت المرأة على الحج أو العمرة بهذا الجواز فإن فريضة الحج تسقط عنها .
وإن كان المراد بقول السائلة بدون حجاب أي بدون تغطية الوجه فالرجاء مراجعة الفتوى رقم :26229 .
والله أعلم .