الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في طهي ما يدخل فيه لحم الخنزير

السؤال

أرجو الإفاده و التدقيق فى سؤالي جزاكم الله خيرا
أعمل فى مطعم فى إيطاليا و أقوم بعمل أنواع كثير من الفطائر يحتوي بعض منها على لحم الخنزير النجس و لكن أنا قرأت بنفسي أن الأحناف قد أباحو الانتفاع بما هو نجس من غير الأكل فأنا لا آكل لحم الخنزير ولا أبيعه و لكن أقوم بعمل بعض الأنواع التي تحتوي على هذا العمل و البعض الأخر لا يحتوي وأقدمه لأناس غير مسلمين أي يحل لهم أكله لأنهم نصارى و دليل الأحناف على ما أعتقد أنه الحديث الصحيح التالي روى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر رضي الله عنه سئل عن زيت وقعت فيه فأرة فقال: استصبحوا به و ادهنوا به أدمكم و مر رسول الله صلي الله عليه وسلم على شاة لميمونة فوجدها ميتة ملقاة فقال "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه و انتفعتم به فقالوا يارسول الله إنها ميتة فقال " إنما حرم أكلها "رواه الجماعة إلا ابن ماجه. أنا الحمدلله متدين جدا و أعرف الله و أقول من هذا الحديث إنه يمكن القياس بلحم الخنزير طبقا للحديث كالميتة و أنا أعلم أنه يوجد حديث يقول إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه حديث صحيح و لكن هذا الحديث كان عند فتح مكة و كان المسلمون قريبي العهد باستباحة أكلها فلما تمكن الإسلام من نفوسهم أبيح لهم الانتفاع بغير الأكل أنا يا شيخ ذهبت للحج و العمرة بهذا المال فهل هذا المال حرام و هل الدلائل التي أسوقها خاطئة أرجوا الإفادة وأرجو أن تضع فى الاعتبار صعب جدا عمل آخر ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز العمل في طهي لحم الخنزير أو ما دخل فيه لحم خنزير وذلك لأنه لا يجوز تناوله ولا الإعانة على تناوله ولو كان آكله ممن يستحله ، كما يستعمل النصارى الخنزير ونحو ذلك ، وراجع في هذا الفتوى رقم:14014 . والفتوى رقم : 20318 ، والفتوى رقم : 37319 .

وما نسبته إلى مذهب الأحناف ليس مذهبهم في المسألة المذكورة لأنهم لا يبيحون بيع النجس العين وإنما يجيزون بيع المتنجس، والدليل الذي ذكرته إنما هو في إباحة الانتفاع بالمتنجس لا النجس ، قال الحصكفي في الدر المختار : ولا يجوز بيع دهن نجس (أي متنجس ) ا هــ

قال ابن عابدين في الحاشية : احترز به عن دهن الميتة والخنزير . ا هــ

وقد اتفق الحنابلة والحنفية في ظاهر الرواية على عدم جواز الاستصباح بالدهن النجس واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام . رواه البخاري وغيره .

أما عن حديث الفأرة الذي ذكرته فموضوع الاستدلال به يكون في جواز استخدام المتنجس لا النجس . وحديث ميمونة لا يقاس عليه ما ذكرت لأن الفارق واضح بين الخنزير والشاة ، فإن الخنزير نجس حال الحياة وبعد الموت بخلاف الشاة ، ولأن نص حديث الشاة في الجلد لا في سائر أجزاء الميتة ، وعملك يتصل بطهي نفس لحم الخنزير أو ما يدخل في إعداده .

وبناء على هذا فالواجب عليك الامتناع عن صناعة ما يدخل فيه لحم خنزير ، فإن لم يمكنك ذلك وجب عليك ترك هذا العمل لقوله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2 }

أما عن حجك واعتمارك بالمال المكتسب من هذا العمل فلا شك أن المال الذي اكتسبته من هذا العمل مال مختلط لأنك تقوم في عملك بما يحل وما لا يحل ، فيمكنك احتساب المال الذي حججت أو اعتمرت به من المال الحلال، علماً بأن الحج بمال حرام صحيح مع الإثم كما بيناه في الفتوى رقم : 27951، والفتوى رقم : 49655 .

وللفائدة راجع الفتويين رقم : 26356 ،

وراجع في كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة الفتوى رقم : 20318 ، والفتوى رقم : 26349 ، والفتوى رقم : 52052 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني