الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تخلع المضطرة حجابها أم تقترض بالربا

السؤال

أسأل الله أن تجدوا لي حلا لهذه الحيرة، جزاكم الله ألف خير و ثبتكم لقول الحق.
أنا فتاة تونسية عشت مع أمي عند جدي بعد طلاقها من أبي منذ أن كنت في سن الثانية. تعبت أمي كثيرا حتى توفر لنا أنا و أختي كل ما نطلبه. لعبت دور الأب و الأم معا و نجحت في ذلك بعون الله. فقد كانت الحضن الدافئ لكل أفراد العائلة بمنزل جدي، كانت حنونة، طيبة، صبورة، تقية و لم نشعر أبدا بأي نقص.
جاء دوري الآن بعد أن تخرجت أن أرد لها البعض مما قدمته لنا وهي تنتظر ذلك بكل لهفة كي تفتخر بي أمام العائلة و تحصد ثمرة تعبها.
المشكلة أنني متحجبة و في بلادنا الحجاب ممنوع بحثت عن عمل بأي شركة حرة لكنني تفاجأت بأن أغلب الشركات ترفضنا خوفا على مصالحها أو تشترط أن ننزع الحجاب أثناء ساعات العمل.
أصبحت أعيش ضغطا كبيرا في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن رفضت العمل بشركة طلبت مني نزع الحجاب أثناء العمل و هذه الشركة الوحيدة التي قبلت تشغيلي لكن مع هذا الشرط أما البقية فقد رفضوا طلبي دون مناقشة.
إنني فعلا حائرة بعد ما رأيته في عيني أمي من نظرة يأس، حزن و خيبة أمل، قالت بأنني لا أشعر بما تعانيه و بأني لا أريد أن أضحي من أجلها، بقيت تبكي أيام سهرها و خوفها علينا.
أصبحت حائرة هل أخضع لهذا الشرط و أتعامل معه على أنه وضع مفروض علي و أنا عبد ضعيف لا حول و لا قوة له إلا بالله خاصة و أن هذا هو رأي أمي. أو أبدأ بمشروع خاص أشتغل فيه لحسابي الخاص مع الحفاظ على حجابي و بهذه الطريقة أقدر على أن أعيل نفسي و أمي و يبقى لي للمستقبل مورد رزق حتى بعد أن أتزوج فليس لأمي غيرنا أنا و أختي كي نعيلها عند الكبر.
لكن هذا المشروع يتوقف على أن آخذ قرضا من بنك ربوي يوفر لأصحاب الشهادات العليا قروض بدون ضمان مع نسبة فائض قدرها 10 بالمائة مع العلم أنه لا توجد بنوك إسلاميه في تونس.
أعلم بأن التعامل مع البنوك الربوبية حرام و قد سبق أن رفضت العمل بأحد هذه البنوك عندما قدمه لي أحد الأقارب . أعلم بأن الله هو الرزاق و أنه علي أن أصبر لكني أصبحت أخاف على نفسي من الفتنة كما أن الوضع صعب جدا أن يتغير و أنا أشعر بالوحدة. أضف على ذلك أن أغلب من صبروا على هذا الوضع كان إما لأن لهم سندا كأب أو أخ يعينهم على الصبر أمام الأيام الصعبة أو الزواج. أما بالنسبة لي فليس لي أب أو أخ يسندني و أمي تعبت و أصبحت تفضل الصمت و أخيرا لا يمكنني الزواج قبل أن أرد دين أمي علينا .
آسفة لأني أطلت عليكم. أخيرا ادعوا لي بالثبات و الحمد لله أن هدانا لهذا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من البلاء العظيم أن تمنع المرأة المسلمة المتحجبة من العمل في بلاد الإسلام بينما يسمح للمتبرجة بأن تجول وتصول دون أي عائق، فنسأل الله العظيم أن يعظم الأجر للمتحجبات المبتليات بهذا البلاء، وأن ييسر لهن أمورهن، وأن يرزقهن الرزق الحلال. وبخصوص سؤال الأخت السائلة الكريمة فنقول جوابا عليه: إن خلع الحجاب لأجل العمل لا يجوز، وعليها أن تصبر وتبحث عن عمل لا يلزمها بخلع حجابها، اما الاقتراض بفائدة فحرام أيضا لأنه ربا، والربا لا يجوز تعاطيه إلا في حالة الضرورة أو حاجة تنزل منزلة الضرورة بحيث يصعب تحملها عادة، فإذا وصلت الأخت الكريمة إلى هذا الحد جاز لها أن تقترض بفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني