السؤال
شخص أصابته عين وهو يعرف العائن لكنه يعرف أنه إذا ذهب إليه وقال له إنك أصبتني بعين أن يحدث شقاق بينهما وخلاف وقد استرقى لها لكن لم يذهب عنه أثرها قال له بعض الإخوة بارك الله فيهم أن ياخذ خرقة ويمسح بها أي شيء تمسه يد العائن وأن يضعها في ماء ثم يغتسل بها فإن ذلك يذهب عنه أثرها بإذن الله نريد من فضيلتكم التوضيح عن كيفية فعل ذلك إذا كان صحيحا لأنه يعرف إذا ذهب إليه وطلب منه الوضوء كما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان يؤمر العائن، فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين ) ( صحيح أبو داوود - 3286 )
فهل مسح الخرقة بمكان أو أداة مسها العائن يجزي عن ذلك أفيدونا ونرجو توضيح الكيفية
وبارك الله فيكم ونفع بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا علم العائن فإنه يطلب منه غسل أعضائه وداخلة إزاره وهي الطَّرَف الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حَقْوه الْأَيْمَن, ثم يصب على قفا المصاب. فقد روى أَحْمَد وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْن حِبَّان مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْو مَاء, حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَة اغْتَسَلَ سَهْل بْن حُنَيْفٍ - وَكَانَ أَبْيَض حَسَن الْجِسْم وَالْجِلْد - فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِر بْن رَبِيعَة فَقَالَ : مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْد مُخَبَّأَة , فَلُبِطَ سهل- (أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى)-. فَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَد؟ قَالُوا: عَامِر بْن رَبِيعَة. فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُل أَحَدكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْت مَا يُعْجِبك بَرَّكْت. ثُمَّ قَالَ: اغْتَسِلْ لَهُ, فَغَسَلَ وَجْهه وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَاف رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَة إِزَاره فِي قَدَح, ثُمَّ صب ذَلِكَ الْمَاء عَلَيْهِ يصبه رَجُل مِنْ خَلْفه عَلَى رَأْسه وَظَهْره ثُمَّ يُكْفَأ الْقَدْح; فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ, فَرَاحَ سَهْل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس. لَفْظ أَحْمَد مِنْ رِوَايَة أَبِي أُوَيْس عَنْ الزُّهْرِيِّ, وَلَفْظ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَد أَنَّهُ يَصُبّ صَبَّة عَلَى وَجْهه بِيَدِهِ الْيُمْنَى, وَكَذَلِكَ سَائِر أَعْضَائِهِ صَبَّة صَبَّة فِي الْقَدَح, وَقَالَ فِي آخِره: ثُمَّ يُكْفَأ الْقَدَح وَرَاءَهُ عَلَى الْأَرْض. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِر بْن رَبِيعَة مَرَّ بِسَهْلِ بْن حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِل, فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ. ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأ فَيَغْسِل وَجْهه وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَة إِزَاره, وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبّ عَلَيْهِ. قَالَ سُفْيَان: قَالَ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ: وَأَمَرَ أَنْ يُكْفَأ الْإِنَاء مِنْ خَلْفه.
ولا يكفي غسل داخلة الإزار فقط، فقد قال الحافظ في الفتح: اقْتَصَرَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " عَلَى قَوْله: الِاسْتِغْسَال أَنْ يُقَال لِلْعَائِنِ: اغْسِلْ دَاخِلَة إِزَارك مِمَّا يَلِي الْجِلْد, فَإِذَا فَعَلَ صَبَّهُ عَلَى الْمَنْظُور إِلَيْهِ. وَهَذَا يُوهِم الِاقْتِصَار عَلَى ذَلِكَ, وَهُوَ عَجِيب, وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ نُقِلَ فِي " شَرْح مُسْلِم " كَلَام عِيَاض بِطُولِهِ.
وإذا كان طلب الغسل من العائن يحدث فتنة بينه وبين الطالب منه فإنه ينبغي قبل الطلب منه أن يبين له أن العين حق، ولا تعني أن العائن ساحر أو خبيث النفس، أو أنه قصد إضرار غيره كما يظن بعض الناس، بل قد تكون العين من محب كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد... َأَنَّ الْعَيْن تَكُون مَعَ الْإِعْجَاب وَلَوْ بِغَيْرِ حَسَد, وَلَوْ مِنْ الرَّجُل الْمُحِبّ, وَمِنْ الرَّجُل الصَّالِح, وَأَنَّ الَّذِي يُعْجِبهُ الشَّيْء يَنْبَغِي أَنْ يُبَادِر إِلَى الدُّعَاء لِلَّذِي يُعْجِبهُ بِالْبَرَكَةِ, وَيَكُون ذَلِكَ رُقْيَة مِنْهُ.
ولا بأس أن يذكر له هذه القصة التي جرت بين الصحابة وهم خير هذه الأمة.
والله أعلم.