السؤال
رب أسرة سجل جزءا من ملكه للأولاد بعقد بيع والجزء الباقي موجود باسمه .
السؤال الأول:
هل يحق للبنات مقاسمة الأولاد بالجزء المسجل بأسماء الأولاد؟
السؤال الثاني:
هل يحق للأولاد أخذ نصيبهم من الجزء الذي تركه رب الأسرة باسمه؟ مع العلم أن رب الأسرة لم يوص بشيء في الجزء المتبقي على اسمه بشيء.
السؤال الثالث:
هل يحق للبنات أخذ الجزء الموجود على اسم رب الأسرة دون الأولاد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان عقد البيع الذي سجلت به بعض أملاك رب الأسرة لأولاده عقدا صحيحا ووقع البيع بالفعل بين الأب وأبنائه على تلك الممتلكات فإن هذا العمل صحيح ولو لم يسجل في السجلات الرسمية، فإذا لم يكن الأولاد قد دفعوا ثمن تلك الأملاك لأبيهم في حياته فإنها تكون دينا عليهم, ويجب عليهم أن يدفعوا الدين للورثة فيضم إلى بقية ممتلكات الأب ويوزع معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه من التركة.
أما إذا كان العقد صوريا يقصد به إيثار الأبناء على البنات أو تفضيل بعض الأبناء على بعض فإن هذا منهي عنه شرعا، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم, فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن، وبناء عليه، فإن على الأولاد إعادة ذلك إلى التركة ليقسم الجميع بين جميع الورثة بحسب نصيبه الذي حدده الله له.
وإذا كانت الكتابة وصية للأولاد بعد وفاة الأب فإنها لا تصح أيضا ولا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، وذلك لما رواه الترمذي والبيهقي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. ولذلك، فإنه يحق للبنات مقاسمة الأولاد بما سجل بأسمائهم كوصية إلا أن يتنازلن عنه برضاهن وطيب نفس منهن.
وبخصوص أخذ الأولاد نصيبهم مما لم يسجله والدهم بأسمائهم وتركه باسمه هو فإن من حقهم أخذ نصيبهم من كل ما ترك أبوهم إذا كان عقد البيع الذي سجلت به ممتلكاته لهم صحيحا كما سبق، وإذا لم يكن العقد صحيحا وأخذ البنات ما بقي على اسم والدهن مقابل ما أخذه الأولاد بالوصية فلا مانع من ذلك شرعا إذا كان يفي بنصيبهن من التركة أو كان أقل وتنازلن بطيب أنفسهن عن ما زاد على ذلك لإخوتهن، فهذا النوع يسمى في الفقه قسمة التراضي وهي من أنواع القسمة الجائزة ولا يشترط في صحتها تقويم ولا تقدير بل يشترط فيها تراضي المشتركين فقط.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 51988، 52160.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.