الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أبي وعمي اختلفا على حدود الأرض التي تفصل بينهما. وقد وصلت القضية إلى المحاكم ولم يخرجا بنتيجة. تدخل بينهما أهل الخير ولم يجد نفعا. وصلت الأمور إلى المقاطعة حتى الأرحام لم تنج من المقاطعة رغم أنهما متدينان وحجا بيت الله الحرام ومن رواد المساجد.سؤالي لفضيلتكم : كيف أرقق قلب أبي ؟ وهل أطيعه بجميع أوامره ونواهيه, بما يتعلق بهذا الأمر وقد زجرني عدة مرات عندما ذكرته بالعفو والصفح ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيمكنك أن ترقق قلب أبيك بتذكيره بما ورد من الخبر الصحيح في صلة الرحم، وأن قطعها يعرض للعقاب في الدنيا والآخرة، وأن صلة الرحم من أولى الأوليات، يبين ذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. رواه البخاري. فدل هذا على أن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه.

ثم إن سبب هذه القطيعة -كما ذكرت- هو الرزق، ومن أراد أن يوسع له في الرزق، ويمد له في العمر، فليصل رحمه. فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري.

وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه. رواه البزار والحاكم.

ومن أراد أن يصله الله فليصل رحمه. فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. رواه مسلم.

ثم ننبه إلى أن الواصل هو من يصل ذا الرحم إذا قطعه ، أما من لا يصل رحمه إلا إذا وصلوه فهذا مكافئ وليس بواصل، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها . رواه البخاري وغيره .

وينبغي أن يكون هذا التذكير بلين ولطف يتناسبان مع مقام الأبوة، فإن من واجبك أن تخلص البر لأبيك، إلا في قطع رحم عمك أو في أي شيء منهي عنه شرعا، فلا يجوز لك أن تطيعه فيه. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني