الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقدر الله للإنسان إلا الخير

السؤال

أرجو مراجعة الفتوىرقم: 65488 الخاصة بي https://www.islamweb.net/ar/fatwa/279610والآن!
مازال ماضيا يطاردني؛ فتارةً أقع وتارة أقاوم، تارة أهرب وتارة لا أستطيع، بل والأسوأ تارة أسعى للمزيد، ثم أندم أو لا أندم، وأحيانًا أشعر بالحزن لعدم حدوث ما هو أكبر، وبت في دوامة لا أعرف كيف أخرج؟ إنها كالنار تحرق جسدي وقلبي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ ولم تعد هذه هي مشكلتي الوحيدة، فالآن أعاني من حالة فشل دائم في الالتزام بأي قرارات؛ أو الاستمرار في أي عملٍ لفترة، باتت في بعض الأحيان لا تتعدي الساعة الواحدة، وبت خائفًا وبشدة من اتخاذ القرارات؛ حيث إنني وباستمرار لم أعد ألتزم بها، وكم أذكر تلك الأيام التي كنت فيها معروفًا بمحافظتي على الوعود والتزامي بالحضور قبل المواعيد. أكثر من 20 مشروعًا وعملاً واتجاه دراسة أوعمل دخلت فيها ولم أستمر، وكل منها قد يتفرع، واختلطت أحلامي بواقعي الأليم، ولم يعد لدي الدافع للقيام بأي عمل، راكدٌ متألمٌ في مكاني بلا حراك، كل بضعة ساعات أتجه اتجاهًا ما يلبث أن ينطفئ منه الحماس؛ فأعود أسوأ مما كنت. والآن ها أنا أمضي سنتي السابعة في كليتي ولم أنجح سوى مرة واحدة في السنوات الست الماضية، ولم أنجح في أي مادة منذ أكثر من سنة، ولا أعرف كيف سأستمر في حياتي بهذا الشكل؟ ومن ناحية أخرى تلك الفتاة التي تصر على محاولة الارتباط بي وأنا بداخلي شيء يرفض، فعلي الرغم من كل هذا الفشل المتواصل تؤكد أنها تود أن تقف بجواري وتمضي حياتها معي، ولا أعرف لماذا أرفضها؟ وهل أرفضها تحديدًا أم أرفض الالتزام بالأساس؟ ولا أعرف ماذا أفعل خاصة أنني أحتاج للزواج على الأقل للتخلص من مشكلتي المزمنة المتعلقة بماضي؟ وهي تختلف عني ثقافيًا وأخلاقيًا واجتماعيًا، لكنها بالنسبة لي تبدو كفرصتي الوحيدة للخلاص من ماضي بطريقٍ يرضي الله. ربما يكون حديثي معها خطأً ولو بعلم أهلها! لكنني حتى لو أردت لن أستطيع، وإن فعلت فسألقي بنفسي إلي جحيم الماضي الذي بالكاد أحاول الخروج منه ولا معين لي.أحيانًا أفكر بأنها قد لا تكون أفضل أمٍ لأطفال، وأعود وأقول لنفسي أني أفكر أبعد من اللازم؛ خاصة أني طبيًا قدرتي علي الإنجاب منخفضة وبشدة، ثم أقول إنها ليست متدينة، ثم أسأل نفسي: وأي تدينٍ أنا فيه؟ وأقول إنها ليست في مستوى تفكيري ولا ثقافتي، ثم أتساءل ومن أين لي بواحدة وأنا في قمة فشلي؟ وهل أستطيع أن أنتظر حتى أبني نجاحًا ملموسًا بعد سنوات إن كنت سأبني؟ وأهلي قد تركوني وحيدًا؛ فأبي وأمي لا يتحدثان معي تقريبًا، وإن فعلا فيضعان الضغوط علي ويرفضان أن يتحملا أي قدر من المسؤولية في مساعدتي على الخروج مما أنا فيه، يرفضون الاستماع، يتحدثون ويتحدثون، آه لو يستمعون إلي لثانية واحدة! لكنهما لا يستمعان. أما أنا فأشعر أني ممزق، لا أفهم كيف وصلت إلى هذه الحال؟ ولا أعرف كيف أخرج منه إلى أي مكان؟ ولم أعد حتي أعرف ماذا أريد أن أفعل في حياتي ولا بحياتي؟ ولا أرى لي دافعًا ولا هدفاً. كم أود أن أصرخ لأخرج آلامي! لكن هيهات أن يخرج ألمي، كل صرخات العالم ولو اجتمعت، أود أن أخرج مما أنا فيه وأنا وحدي ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أيها الأخ الكريم أن الله لا يقدر للإنسان إلا خيرا، واختيار الله له خير من اختياره لنفسه، ففي صحيح مسلم عن صهيب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

ثم إن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والمؤمن فيها يتقلب من حال إلى حال ليرى الله منه الصبر عند الابتلاء والشكر عند الرخاء. قال سبحانه: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35} فهون على نفسك، واعلم أن خير ما يعين على علاج ما أنت فيه من الحيرة، هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر. واعمل بما أشرنا عليك به في فتاوانا السابقة، ونسأل الله أن يوفق سعيك، ويأخذ بناصيتك إلى ما فيه الخير والرشاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني