الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البديل المفضل على تمني الموت

السؤال

إني امرأة متدينة أخاف ربي كثيرا وأعبده كثيرا أقيم حدود ربي وأوامره وأجتنب المعاصي والذنوب وأتق الله وأعامل الناس بالحسنى الجميع يحبني ويفرح بي وسيرتي عطرة أراعي زوجي وأولادي وأدعوا الله كثيرا إني لا أمدح نفسي لكني أذكر لك بعضا من أمري . مشكلتي أني أتمنى الموت وأني أعرف أنك سوف تستغرب أمري لكني فعلا أتمنى الموت ليس كرها بالحياة على العكس أحب الحياة وأحلم بالمستقبل لكن شوقا لله تعالى إذ إني أشعر بأني أعشق الله وأستعجل موتي كي ألقاه حتى عندما أدعوه وأكون خاشعة في دعائي أجد نفسي أطلب من الله أن يكرمني برؤيته وأرجوه أن يأخذ روحي كي تلقاه وأشعر بأن روحي متشوقة بشدة له وكأنها على جمر لتفارق جسدي وتصعد إلى السماء حتى إني لا أشعر بخوف من الموت وإذا شعرت أو تخيلت بأني سوف أموت أشعر بفرحة وكأني ذاهبة إلى شيء سعيد وليس إلى قبر علما أني أخشع كثيرا وأبكي عندما أسمع آيات العذاب وأقرأ عن عذاب القبر
وسؤالي هو : هل ما أشعر به من الشيطان أم من شدة حبي لله ؟ علما أني دائما أحصن نفسي بالأذكار والدعاء من الشيطان وأستعيذ بالله منه . أفيدوني مشكورين هناك آية في القرآن : لا يأمن مكر الله إلا الخاسرون . هل هذا ينطبق علي لعدم خوفي من الموت ؟ وما المقصود بمكر الله ؟ علما أني أخافه بكل صغيرة وكبيرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه ، نريد أولا أن ننبهك إلى تصحيح الآية التي أوردتها وهي قول الله تعالى :فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99} كما ننبهك أيضا إلى أنه لا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله عز وجل ، لأنه لم يرد بذلك نص من كتاب أوسنة ، بل لم يرد عن أحد من السلف الصالح من هذه الأمة ، ولما قد يشتمل عليه من مدلول غير شرعي . لذا فالواجب الاقتصار على ماورد به الشرع وهو لفظ " حب الله تعالى، أو محبته "

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك ، فإن المسلم مطالب بأن يوطن نفسه على الشوق إلى لقاء الله تعالى والاستعداد لذلك ، والتطلع إلى ما أعده الله لعباده المؤمنين من الأجر والمثوبة والكرامة التي من أجلِّها رؤيته سبحانه وتعالى في الآخرة . والشوق إلى لقاء الله تعالى يستلزم عدم الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها والرضى بها . بل إن المشتاق حقا إلى لقاء الله تعالى المتطلع إلى الولوج في بحبوحة كرامته ، وواسع فضله ، والانغماس في جزيل مثوبته يعتبر الدنيا مجرد محطة استعداد وتزود لذلك اللقاءالمحبوب ، واستكثار من ذلك الزاد ، وإمعان في ذلك الاستعداد.

فهو لا يتمنى الموت رجاء لذلك الاستكثار والإمعان ورضاء بقضاء الله تعالى. وقد ورد في الخبر الصحيح النهي عن تمني الموت . ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي, وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي .

وعليه ، فندعوك -أيتها الأخت الكريمة- إلى تجنب تمني الموت ، لما علمت فيه من النهي . وأن تستبدلي ذلك بالإقبال على الله والاستزادة من فعل الخير, وأن تتوسطي بين الخوف والرجاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني