الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الوسيط (المقرض) فارق البيع والشراء

السؤال

لدي استفسار بخصوص المتاجرة في العملات عبر الإنترنت، وسوف أشرح بالتحديد عن آلية هذا العمل، وطرح كل سؤال حتى تتم الإجابة بشكل دقيق ومفصل، عن آلية العمل بشكل دقيق هل تجوز أم لا؟
أنا مضارب، أعمل في شركة وساطة لتداول العملات الأجنبية عبر الإنترنت، يكون العمل في كل الأحوال بطريق الهامش أو المارقون الذي أحصل عليه من البنك، لكني أتعامل مع الشركة بشكل مباشر، والبنك هو الذي يوفر لي تسهيل هذا المبلغ.
الآن إخواني الأعزاء من أجل أن يبقى هذا التسهيل مباحاً فقد تم إزالة أية شبه حوله من فوائد، فلا توجد أية فوائد ربوية مطلقاً في هذا التسهيل كما تعلمون جميعاً، فأنا أضارب في العملات، أبيع وأشتري من الوسيط العملات، لكن في كل الأحوال يوجد شيء اسمه فارق البيع والشراء للعملات. فهل هذا جائز فرق البيع والشراء مقابل كل الذي يستفيد منه الوسيط هو فرق البيع والشراء؟ فلو أخذت تسهيلاً من البنك أو لم آخذ أي تسهيل، أو كنت أعمل بمالي الخاص سوف يكون هناك فرق البيع والشراء في كل الأحوال موجودًا، وسوف أدفعه.
الآن النقطة المهمة: هل يعتبر فرق البيع والشراء هنا في هذا الحال يجر نفعاً، وبناء على ذلك يعتبر التسهيل الذي أحصل عليه حراماً؟ هذا التسهيل من البنك، وأنا أعمل عن طريق شركة الوساطة، ومن يحصل على فرق البيع والشراء هي شركة الوساطة، لا أعلم ما يدور بينه وبين البنك، لكن لا أدفع إلى البنك أي شيء، لا يوجد أي شيء آخر مطلقاً غير فرق البيع والشراء، يعني لا توجد أية عمولات على أي عقد أفتحه، ولا توجد أية فوائد ربوية إن تم تبييت العقد أو لم يتم، ولا يشترط عليّ أن أرد هذا التسهيل في وقت محدد، ولي كامل الحرية بعد أن أحقق ربحي أو الخسارة أن أرجع هذا التسهيل، لو امتد إلى عشر سنوات، لا أحد يجبرني على شيء. فهل هذا التسهيل حرام أم حلال في هذا الحالة؟
نقطة مهمة إخواني: اختلف بعض الفقهاء على الاختلاف بين الهامش أو التسهيل وبين القرض، وبالنسبة للهامش أنا لا أحصل عليه بيدي، ولا يحق لي أن أذهب وأشتري به ما أريد، فقد يتم منح هذا التسهيل لي من أجل التجارة في هذا العمل، يعني فقط هذا التسهيل من أجل تسهيل عملية البيع والشراء والقدرة على تحقيق الأرباح، من أجل ذلك أقول عنه تسهيلًا، لكن القرض هو الذي أحصل عليه بيدي، وأشتري به ما أريد وما يخطر على بالي، ليس لمن يمنحني القرض الحق في أن يسأل أين سأصرفه، لكن سوف يشترط علي أن أرجعه في وقت محدد، وسوف يشترط علي أن يكون من وراء هذا القرض فوائد ربوية، وفي هذه الحالة يعتبر هذا القرض جر نفعاً، لأنه أصبح ملكي أتصرف به كما أشاء، لكن التسهيل الذي أحصل عليه في المضاربة في العملات هو فقط من أجل بيع وشراء العملات، ويكون حسابي لدى الوسيط الذي أختاره لا يحق لي أن أسحب غير مالي وأرباحي التي أحققها، التسهيل يبقى للعمل فقط لا يحق لي أن أخرجه من حسابي، ولا يوجد وقت محدد من أجل إرجاع هذا التسهيل أبدًا مهما طالت المدة، ولا توجد أية فوائد ربوية أو أي شيء، لأنه هذا التسهيل يمنح في المتاجرة في حسابي، حساب إسلامي بحت، لا أريد أن تكون أية فوائد في هذا التسهيل، من أجل ذلك لا أحصل على أية فوائد، ولو كان حسابي غير إسلامي لكانت هناك فوائد من أجل ذلك.
أرجو من إخواني الأعزاء النظر في موضع التسهيل في هذا العمل أو الهامش، والنظر في موضع القرض الذي يجر نفعاً، وتبيين الفرق لي إذا أمكن، وهل يوجد فرق بين الأمرين التسهيل أو الهامش وبين القرض في هذه الحالة؟
أرجو النظر بصورة دقيقة في السؤال الأول والإجابة عليه، وأرجو من إخواني المشايخ والفقهاء أن يردوا على هذه الأسئلة، وعن آلية العمل في هذا السؤال، فأنا أعلم الكثير من الطرق التي يعمل بها بعض الأشخاص بطريقة غير مشروعة، ولكن يصرون على العمل، لكني أريد أن أفهم طريقتي في هذا العمل، هل تجوز أم لا؟
ولكم مني أطيب التحيات والتوفيق من رب العباد على ما تقومون به من خير إلى إخوانكم المسلمين لمعرف سبل الحرام والحلال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالبيع والشراء عن طريق التسهيلات المسماة ( ‎margin‎ ) له أشكال وصور يختلف الحكم باختلافها، ولك أن تراجع فيها فتوانا: 7770، كما نحيلك في حكم التجارة عبر البورصة إلى فتوانا: 3099.

وسؤالك هذا قد تضمن فقرات ليست واضحة الدلالة تماماً، والذي يبدو أنك ركزت عليه كثيراً فيه هو ما إذا كان فارق البيع والشراء يعتبر من المنفعة التي لا يحل للوسيط (المقرض) أن يأخذها، أم أنه ليس كذلك.

والذي نراه هو أنها انتفاع واضح، ولا يحل بذلها للمقرض. وذلك لأن أهل العلم قد ضيقوا كثيرًا في أي نفع يمكن أن يستفيده المقرض من المقترض، حتى حرموا البيع له بالمسامحة اتفاقاً إذا اشترطها، وعند البعض إذا لم تكن مشروطة. وكره بعضهم البيع له ولو بلا مسامحة. ففي منح الجليل للشيخ عليش، عند ذكر الأمور التي لا تحل للمقرض، قال: (و) حرم (مبايعته) أي من تحرم هديته من رب الدين وذي الجاه والقاضي بيعاً (مسامحة) أي بدون ثمن المثل, فإن وقع رد إلا أن يفوت بمفوت البيع الفاسد ففيه قيمة المقوم ومثل المثلي. وأما مبايعته بلا مسامحة فقيل تجوز وقيل تكره.

وقال ابن قدامة في المغني: وهكذا لو أقرضه شيئاً, أو باعه سلعة بأكثر من قيمتها, أو اشترى منه سلعة بأقل من قيمتها توصلاً إلى أخذ عوض عن القرض, فكل ما كان من هذا على وجه الحيلة فهو خبيث محرم. وبهذا قال مالك. وقال أبو حنيفة, والشافعي: ذلك كله وأشباهه جائز, إذا لم يكن مشروطا في العقد.

وعليه، فننصحك بالابتعاد عن مثل ما ذكرته من المعاملات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني