الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء معاملة الأب لا تسوغ أخذ ماله بغير رضاه

السؤال

انفصل أبي عن أمي بالطلاق وقام بطردنا من المنزل بحجة أنه لا يستطيع توفير منزل لزوجته الجديدة حيث اشترط أهلها أن تسكن في منزل وحدها بعد أن تنازل عنا في المحكمة وحتي عن حق الزيارة دون توفير منزل لنا علماً بأنه تعهد أمام المحكمة أن يوفر منزلا بالإيجار حيث قضينا الأيام الأولى بعضها عند بعض الأقارب والأخرى في منزل أختي ولم يكن لنا مصدر رزق سوى رواتب اثنتين من أخواتي اللاتي كن يشتغلن حيث قمنا بأخذ سلف على رواتبهن واشترينا منزلا بمبلغ قدره 20 الف دينار تم استقطاعه بشكل شهري من رواتبهما حيث كنا ننام على الأرض ولم نجد ما نأكل في بعض الأحيان بعد عدة سنوات تم إيفاء كامل ثمن المنزل والحمد لله بعدها تحصل أحد إخوتي على عمل واستمر فيه لعدة سنوات حتى وافاه الأجل وكان من قوانين الشركة أن تستخرج لمن يتوفى مستحقات عن سنوات الخدمة وكان إجمالي المبلغ 24 الف دينار حيث تم استخراج حق والدتي وكانت حصتها مبلغا وقدره (10000) حسب ماقرره القاضي ولم يحق لنا نحن إخوته وأخواته وعددنا 8 بنات منهن اثنتان متزوجات و 4 أولاد ومنهم واحد متزوج منا 4 قصر وليس لنا الحق أن نرث لأن والدنا حجبنا لأنه حي حسب القانون والشرع مع العلم أنه متزوج من أخرى وله 5 أولاد ذكور ولعلمنا أنه لن يعطينا شيْء من المبلغ بحجة أننا لسنا بحاجة إلى المال ونحن الآن نحتفظ بالمبلغ (حصته ) وقدرها 14 الف ولم نصرف منه شيئا، ولكن أليس لنا الحق فيه؟ وإن كان لنا الحق فهل يجوز لنا أن نأخذ منه؟ وما مقدار ما يجوز أخذه؟ واعطاؤه باقي المبلغ وبهذا نحصل علي حصتنا، وعلى الرغم من هذا كله لم نقاطعه بل سعينا لإرضائه ولكن زوجته تكرهه فينا وتحثه على قطيعتنا ولاحول ولا قوة إلا بالله أفيدونا أفادكم الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما فعله أبوكم من إهمالكم والتفريط في حقوقكم وعدم مواساتكم في تلك الظروف العصيبة التي حلت بكم، تعتبر أخطاء كبيرة منه، ومع هذا فلتعلموا أن من الواجب المؤكد عليكم بره والإحسان إليه، وطاعته في المعروف، ومصاحبته بالمعروف، ولو كان ظالما جدا، لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15} وقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا {العنكبوت:8}. وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23،24}

وما ذكرته من المستحقات عن سنوات الخدمة إن كانت مقتطعة من راتب الموظف المتوفى فإنها تكون تركة ولا يجوز أن يدخلها غير الورثة الشرعيين. وإن كانت مجرد هبة من الشركة فإنها تكون لمن حددتها له الجهة المانحة ، وعلى تقدير أنها تركة فليس لكم أن تأخذوا منها شيئا إلا بإذن الأب، لأنكم – كما ذكرتَ- محجوبون عن الإرث بوجوده هو، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.

وما ذكرته من سوء معاملته لا يبيح لكم أخذ شيء من ماله دون إذنه ورضاه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني