الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلة المرء رحمه وإن قطعوه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله تحية طيبة:
أنا شاب متدين والحمد لله وأقيم الفرائض في أوقاتها والحمد لله مشكلتي هي أن والدتي كانت قد تزوجت برجل قبل زواجها بوالدي، وأنها أنجبت منه ولدا، ولكن حدث أن انفصلت عنه وأن ابنها قد عصاها بكثير من الأمور وأنه آخذ يتكلم بما يلقنه والده حتى في مسائل تخص الشرف على الرغم من أنه كان صغيرا في وقتها عمره لا يتعدى الـ9 سنوات، ووالدتي والله يشهد أنها إنسانة طاهرة ومتدينة بكل معنى الكلمة، والذي حصل أن والدتي قد قطعت كل علاقه لها مع ابنها وغضبت عليه إلى يوم الدين، وحاول هو الاتصال بها مرات عديدة، لكنها رفضت وحدث أن تزوجت بوالدي وهو رجل متزوج سابقا ولديه من الأولاد 6 ومن البنات 3 من زوجته الأولى، وكان الزواج برضا زوجته الأولى وأنجبتني أنا وأخي التوأم وتوفي والدي ونحن أنا وأخي عمرنا 3 سنوات بصراحة أن أخي التوأم كان عاقا جداً ولا يسمع أي كلام لوالدتي، ولكنها حنينة جداً عليه ولا ترد له طلبا ولقد انقطعت صلتنا بإخوتي من والدي بعد أن سافرنا لغرض العمل نحن وأمنا وأخي التوأم قد سافر الآن إلى الخارج، ولكن أنا أحاول أن أتصل بإخوتي من والدي وأن لا أقطع صلة الأرحام، ولكنهم تجدهم أناسا قاطعين للرحم ولا يلتزمون من ناحيتي بأي شيء على الرغم والله أني أنادي أمهم بأمي، ولكن للأسف هم لا يكترثون لأمري، فهل أستمر بالتنازل لهم على الرغم من أني معروف أن لي كبرياء ولا أتنازل، ولكني تنازلت لهم كثيراً وهم غير مكترثين حتى أن لنا قطعة أرض زراعية ورثناها من والدنا مثلما هم ورثوا قطع أراضي، ولكنهم يستغلونها ولا يعطونني من موردها شيء ، أخي التوأم، قد قاطعهم نهائيا، ولكن أنا لا أريد أن أقاطعهم، ولكن تصرفاتهم تجبرني على ذلك، أما بالنسبة لأخي من أمي، فأنا لا أعرف أين مكانه والله أريد أن أتصل به وأن أنهي هذه القطيعة بينه وبين والدتي، ولكنني لا أعلم أين هو ووالدتي كلما أحدثها بأمره تقول لي أنها لا تشعر باتجاهه بأي شعور أمومة وأنها لا تتمنى له الشر، لكنها لا تريد أي صلة به، وإذا علمت والدتي أنني أبحث عن أخي هذا، فإنها من المحتمل تقطع علاقتها بي على الرغم من حبها الشديد لي، فماذ أفعل وأنا لا أريد قطع الأرحام ، أرجوكم ساعدوني، علما بأن والدتي لن تقتنع بأي شيء يرجع لها صلتها بولدها هذا، أرجو المساعدة؟ وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننصحك بأن تبعد نفسك عما ذكرت أنك معروف به من الكبرياء، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار.

ثم اعلم أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها حرام، قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}، وقد حث الشارع على أن يصل المرء رحمه وإن قطعوه، وأن يعطيهم وإن منعوه، ففي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.

وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وغيره عن أبي هريرة، ومعنى تسفهم المل: أي تطعمهم الرماد الحار.

فصل إخوتك من أبيك ولو قطعوك، وابحث عن مكان أخيك من أمك لتصله، ويمكنك أن لا تطلع أمك على ما تريده من صلته، مع أنها لو اطلعت على ذلك وأرادت منعك منه، فلا يجوز أن تطيعها فيه، لأن طاعتها إنما تجب في المعروف، ونسأل الله العلي القدير أن يمن عليكم بالتعاطف والتواصل والمحبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني