السؤال
قتل ذكرعمره خمس عشرة سنة رجلاً متعمداً، فهل يقتص منه، أم يعتبر غير بالغ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبلوغ هو احتلام الصبي أو الفتاة وإدراكهما وقت التكليف، وانتهاء حدّ صغرهما.
ومعنى الاحتلام في الأصل: رؤية النائم أنه يجامع.
ثم استعمل في: خروج المني من الرجل أو المرأة في يقظة أو منام لوقت إمكانه، قال تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) [النور: 59].
وللبلوغ علامات يعرف بها، ففي الذكور علاماته: الاحتلام، والإنبات، أي: ظهور شعر العانة (حول فرجه) الذي يحتاج في إزالته إلى الحلق وشبهه.
وعند عدم ظهور علامة من علامتي بلوغ الصبي الذكر يحكم بالبلوغ بالسن، وهو عند الشافعية والحنابلة والصاحبين من الحنفية بلوغ تمام خمس عشرة سنة قمرية، لخبر ابن عمر: "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، ورآني بلغت" رواه البخاري.
وسن بلوغ الذكر عند المالكية والأحناف ثماني عشرة سنة، مستدلين بقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) [الإسراء: 34].
فقد فسر ابن عباس بلوغ الأشد بالوصول إلى ثماني عشرة سنة، وهي أقل ما قيل فيه، فأخذ به احتياطاً.
ونحن نرى أن سن البلوغ لمن لم تظهر عليه علاماته هو: خمس عشرة سنة كما عند الشافعية والحنابلة ومن وافقهم، لخبر ابن عمر -السابق ذكره- الصريح في تحديد سن البلوغ.
فالقاتل الذي ذكر في السؤال إن كان قد أتم خمس عشرة سنة قمرية (هجرية) فهو بالغ مكلف توقع عليه عقوبة القصاص لقتله عمداً، إلاّ أن يعفو ورثة القتيل.
وإن كان لم يتم خمس عشرة سنة قمرية، فهو صغير غير مكلف، قال صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
فقتله قتل خطأ، قال مالك: الأمر المجمع عليه عندنا: أن لا قود بين الصبيان، وأن قتلهم خطأ ما لم تجب الحدود، ويبلغوا الحلم، وإن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ. ومعنى القود: القصاص.
والذي يجب على الصغير في القتل الخطأ: الدية المخففة على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
ومعنى الدية: المال الذي يجب بسبب الجناية، ويؤدى إلى المجني عليه أو وليه. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني