الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال النسخة الأصلية المملوكة من الأقراص في أجهزة أخرى

السؤال

السؤال هدانا الله وإياكم يدندن حول الحقوق الفكرية .
راسلتكم من قبل بخصوص حكم استعمال نظام التشغيل غير الشرعي وهو الويندوز windows والذي يلزم شراؤه لأن الشركة تمانع في استعمال نسخة مسروقة إن صح التعبير، وأفتيتم لي بأنه يلزمني الشراء مهما كانت الظروف، وبالفعل قمت بالشراء متحملاً صعوبة ذلك وغلاء السعر وذلك لأني أريد الحلال وأنا مهندس كمبيوتر وشغلي وتحصيلي على المال عن طريقه . والآن واجهتني مشكلة : فأنا أقوم بصيانة أجهزة للناس , وشغلي جيد ولدي شهرة، الآن لا أستطيع فعل هذا لأني لا أستطيع أن أستخدم نسخة مسروقة ولا أستطيع أن أستعمل نسختي لأنها مرخصة شرعاً لي فقط طبقاً للاتفاقية مع الشركة فأصبحت أعاني من الناس حين يطلبون مني صيانة أجهزتهم ومنهم إخوتي وبالعمل أيضاً فإنني أعمل مهندس صيانة لدى الحكومة فما العمل هل أشتري نسخة للحكومة مع العلم أن هذه النسخة ثمنها فوق الخيال للخيال نفسه " غاليا جداً " فكيف أعمل لتصليح أجهزة الناس وكيف أعمل لصيانة أجهزة الشغل الحكومي توصلت لحل وهو إضطراري : فالذي يريدني أن أقوم بصيانة جهازه أخبره بأن يحضر لي نسخة نظام تشغيل وأنا أقوم بتركيبها , إن أحضر نسخة أصلية أم مسروقة فأنا لا أخبره بشيء مع أني أعطيه علم بسر النسخة الأصلية وكيفية شرائها وعندما يحضر القرص " سي دي " أقوم بتركيبها له ولا أخذ مالا على ذلك مع أنني كنت أتقاضى المال من وراء هذا وشغلي ممتاز ولله الحمد
أما بالعمل الحكومي : فأصبحت لا أركب هذه النسخة وأصبح زميلي متضايق مني لعدم مساعدتي له خوفي من الإثم، فما الحل بالله عليكم هل أقول لمديري أن يحضر نسخة نظام تشغيل مع علمي بأنه سيأخذ النسخة المسروقة والتي تعتبر شبه مجانية، ومع العلم بأن النسخة الأصلية للشركات الكبيرة غير متوفرة أساساً ويلزم السفر للحصول عليها والتعاقد مع شركة ميكروسوفت ؟
أريد حلاً بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يلزمك شراء نسخة أصلية لتشغيل كل جهاز ويكفي أن تستخدم نسختك الأصلية في ذلك لوجهين :

الأول : لأنك بشراء هذه النسخة أصبحت تملكها ولك أن تتصرف فيها بالبيع والتأجير والهبة والاستعمال دون حجر عليك في شيء من ذلك كما هو مقتضى عقد البيع، إنما الممنوع أن تقوم بنسخها للاتجار فيها دون إذن من الشركة المصنعة لها، ولهذا فما تشترطه الشركة من ترخيصها لك فقط بحيث يمتنع عليك بيع إسطوانتها الأصلية أو هبتها أو استعمالها في جهاز غير جهازك حجر عليك فيما تملك، وهو شرط باطل لأنه على خلاف مقتضى عقد البيع الذي يفيد الملك التام والتمكن من التصرف، وهذا يشبه ما لو باع أحدهم آلة ما على ألا يبيعها المشتري أو يهبها أو يستعملها غيره فهذا الشرط باطل بالاتفاق، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم : 52051 .

الثاني : لأنه من المعلوم أن هذه الشركات تحتكر هذه النسخ وتبيعها بأرباح خيالية تستغل فيها حاجة الناس إلى هذه النسخ مما يلحق الضرر الكبير والحرج البالغ بالمشترين، وقد قال تعالى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78 } ومن القواعد الشرعية المرعية : الضرر يزال ، ورفع الحرج وإزالة الضرر يتحقق بكون النسخة التي تستعمل في هذه الأجهزة نسخة أصلية قد تقاضت الشركة ثمنها وحققت من ذلك ربحا معقولا يتلاءم مع الجهد المبذول دون مبالغة أو استغلال ودون تقييد استعمالها بشخصية المشتري لها .

وأما الحل الذي اقترحته فلا يجوز أن تنزل نسخة وأنت تعلم أنها غير أصلية لما في ذلك من المعاونة على الاعتداء على حق الشركة المصنعة، وقد قال تعالى : وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2 } .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني