السؤال
أنا سيدة أبلغ من العمر 34 سنة وأتعالج من مرض السكر من فترة 3 شهور وكنت في عمرة في آخر رمضان هذا العام، وحيث إننا سافرنا من المدينة إلى مكة أخذ منا وقتا كبيرا حيث حدثت كثير من التعطيلات فركبنا الأتوبيس بعد عصر الجمعة ، ووصلنا الفندق بمكة بعد فجر السبت على الشروق فتعبنا كثيرا في السفر ولم نسترح وكان معنا طفلان (3،6 سنوات)
ولكن قمنا بعمل العمرة الساعة 9 صباحا وكنا صائمين والجو حار وزحام شديد ولكنني كنت متعبة أثناء العمرة وأحس بالعطش والتعب كان فوق احتمالي حتى إنني لم أستمتع بالعبادة ولم أركز فيها جيدا ولكن تركيزي كله في التعب والعطش وفي نهاية العمرة وصلت لقمة تعبي حتى صلاة الظهر ولم أستطع إكمال صيامي لهذا اليوم وأفطرت لشدة احتياجي للماء وأحسست بالذنب الشديد والندم واستغفرت ربى كثيرا هناك.
1- فكيف لي قضاء هذا اليوم؟
2- وماذا عن هذه العمرة هل هي صحيحة على العلم أني استغفرت الله كثيرا وعملت عمرة أخرى فماذا عن العمرة الأولى؟
3- ماذا عن إحساسي لأول وجودي بمكة بالزحام والحر والتعب وتمنيت السفر والرجوع مع أنني بعد أيام وقرب العودة حزنت لفراقي هذا المكان الطاهر العظيم؟
أرجو الرد على استفساراتي هذه وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالشفاء والعافية، وأن يتقبل منك عمرتك، ويعظم لك أجرها لما لقيت من شدة التعب فيها، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد، قال: انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم القينا عند كذا وكذا قال أظنه قال غدا ولكنها على قدر نصبك أو قال نفقتك. متفق عليه.
وَأَخْرَجَُه الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق هِشَام عَنْ اِبْن عَوْن بِلَفْظِ: إِنَّ لَك مِنْ الْأَجْر عَلَى قَدْر نَصَبك وَنَفَقَتك . وعمرتك صحيحة إذا كنت قد أديتها بشروطها وأركانها، وأما عدم الخشوع والراحة في أدائها فلا يبطلها، ولكن كان ينبغي لك أن ترتاحي قبل أدائها لتؤديها بخشوع وطمأنينة. وما دام قد حصل ما حصل فهي صحيحة ومثاب عليها إن شاء الله كما سبق.
وأما الفطر فينظر:
1- إن كنت مسافرة وذلك بأن لم تنو الإقامة في مكة أربعة أيام صحاح أي لا يحسب يوم الدخول والخروج منها فلا حرج عليك مطلقا في الفطر لأن المسافر رخص له في الفطر وإن لم يجد مشقة، وإلا بأن نويت الإقامة بمكة أربعة أيام بغير يومي الدخول والخروج فإنه لا يجوز الفطر .
2- إلا إن كان شق عليك مواصلة الصوم بسبب المرض الذي هو السكر فلا حرج عليك في الفطر أيضا .
ودليل ما سبق قول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة: 184}.
3- إن خفت على نفسك الهلاك أو شق عليك الصوم مشقة خارجة عن المعتاد بحيث أحسست بالعجز عن مواصلة الصوم، أو خفت على نفسك ذهاب عضو أو منفعته ونحو ذلك فلا حرج في الفطر، بل يلزمك قال الإمام النووي رحمه الله:
(قال أصحابنا وغيرهم: من غلبه الجوع والعطش فخاف الهلاك لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما؛ لقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً {النساء: 29} وقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة: 195} ويلزمه القضاء كالمريض)اهـ
وأما مجرد الإحساس بالتعب فلا يبيح الفطر، وعلى كل حال يلزمك القضاء.
وأما تمني السفر من مكة مع أن كمال الإيمان يقتضي حب البقاء فيها والتلذذ بالعبادة هناك فكان نتيجة التعب، وقد زال ولله الحمد وأعقبه تمني البقاء مما يدل بأن هذه حالة عارضة وطبيعية في الإنسان فتغلبه نفسه والشيطان أحيانا، ولكن المؤمن الموفق سرعان ما يرجع ويتوب وقد تحقق هذا فيك ولله الحمد.
والله أعلم.