الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترغيب في صلة الرحم والترهيب من قطعها

السؤال

أنا سيدة على المعاش متزوجة ولدي ولد واحد يعمل بالخارج وعدد من البنات ولي قطعه أرض ورثتها من أبي رحمه الله ولي عدد من الإخوة الصبيان بارك الله لهم جميعهم ميسورو الحال اتصل أحد إخوتي بي وأخبرني أنه سوف يبيع جزءا من أرضه المجاورة بأرضي فإن أردت أن أبيع قطعة الأرض المجاورة له علي أن أبلغه الآن فوافقت ثم عاد أخي وأبلغني أنه هو فقط سوف يبيع جزءا من أرضه وأنا لا أبيع فوافقته ثم عاد مرة أخرى وأبلغني أن نبيع نحن الاثنان وفي تلك الفترة مرض زوجي مرضا شديداً وأعطاني أخي ثمن قطعة الأرض التي تحدثت عنها سابقا واشتد المرض على زوجي فجاء ابني الوحيد من الخارج وأخذني ووالده المريض للعلاج بالخارج واتصلت جميع العائلة بزوجي كي يدعوا له بالشفاء وسافرت مع ابني وزوجي لعلاج زوجي واستمر العلاج سبعة شهور في الخارج علي حساب ابني هذا، ولكن الله سبحانه أراد أن يريح زوجي من آلام المرض فتوفاه الله وعدنا لوطننا وتمت مراسم الجنازة والدفن في مسقط رأس زوجي رحمه الله وجزاه عني وعن أولاده خيراً وبعد أيام قليله من الجنازة حضر لي نفس الأخ وأبلغني أنه إذا أردت أن أتراجع في بيع قطعة الأرض التي بجواره سيكون هذا أفضل لأنني إذا بعت أنا تلك القطعة فسوف يخنق ذلك باقي أراضي أخي -أي لا يجد أخي لباقي أراضيه مروى مائي- وأخبرني أيضا أن ظروفي أنا الآن تغيرت وأن مسؤولياتي بعد وفاة زوجي قد كثرت ويجب علي أن أفكر جيداً في كل شيء قبل أي قرار فاستشرت ابني حيث إنه هو الآن المسؤول عني وعن أخواته البنات -فقال يا أمي إن موضوع تلك القطعة من الأرض سوف يؤدي إلي خلاف بين خالي وأنت ولا داعي للبيع وأنتِ وأخوتي البنات مسؤوليتي أمام الله ولن أضيعكم إن شاء الله ورد ثمن تلك القطعه من الأرض لأخي وأضاف عليها نسبه عشرة في المائة طلبها أخي من ابني وفي خلال أسبوع عدنا إلى منزل زوجي وكان قديما ويحتاج لاصلاحات فوجدني ابني حزينة لحال المنزل ففي عدة أيام اشترى لي ولأخواته البنات منزلا جديدا أكبر من منزلنا القديم مرتين وفرشه بالكامل فرشا جديداً وكل هذا من مال ابني الخاص نتاج عمله وسهره في الخارج وجاء وقت رجوع ابني إلى عمله بالخارج وترك لي مبلغا من المال يعادل ثلاثة أضعاف قيمة الأرض التي تحدثت عنها سابقا كي أصرف أنا وأخواته من هذا المال في معيشتنا ومصاريف الحياة ودراسة أخواته البنات وقبل أن يسافر كتب ابني المنزل الجديد باسمي وجمعني أنا وأخواته البنات وقال إن هذا البيت ملك لك يا أمي وملك أخواتي البنات من بعدك يا أمي بعد عمر طويل إن شاء الله وليس له -أي ابني- شيئ فيه فأردت أن أحافظ لابني على جزء من ماله فتنازلت له عن قطعة الأرض تلك، علما بأن المنزل الجديد الذي تنازل لي ابني عنه يعادل ثمنه أربعه أضعاف تلك الأرض التي كتبتها له وسافر ابني حفظه الله إلى عمله بالخارج وبعد عدة أشهر اتصل بي نفس الأخ وأخبرني أن المشتري للأرض سوف يدفع مرتين ونصف أكثر من المبلغ الذي كان يريد أن يشتري به سابقا وأنه يريد أن يبيع جزءا من أرضه وأنني لا بد أن أبيع أرضي معه لكي يوافق المشتري على الشراء بهذا السعر، رغم أن هذا الموضوع انتهي مسبقا في وجود ابني كما ذكرت لكم، فقلت له لا بد أن أستشير ابني فغضب أخي وقال إن هذه الأرض ميراث أبينا وأنها لا تخص ابنك ولا شأن له بها فقلت له لا بل هو وفر لي ولأخواته البنات كل ما نحتاج من مال وملبس ومسكن في حين لم يسألني أحد من إخوتي عن احتياجاتي أنا وبناتي من المال بعد وفاة زوجي وحتى بعد سفر ابني ولأن هذا ماله فاتصل أخي من خلال وسيط بابني في الخارج وأبلغه برغبه أخي ببيع أرضه وسأله عن رغبة ابني في بيع تلك الأرض -التي كتبتها له- فرفض وقال إنه أغلق هذا الموضوع نهائيا وأنه رد ثمن الأرض بالكامل وأيضا أضاف عشرة في المائة زيادة في ثمنها التي طلبها أخي منه حتي يريح النفوس وعلى أن يرضي جميع الأطراف وأبلغهم أننا بإذن الله لن نفكر في البيع فغضب أخي ولجأ إلى باقي إخوتي وأمي لكي يلومونني على تدخل ابني في ميراثي من أبي رغم أن ابني لا يقول ألا أننا لن نبيع أي شيء حتى لا يحدث أي خلاف والآن أخي هذا لا يتصل بي ولا حتى أولاده في المناسبات والأعياد رغم أنني عمتهم الكبري، ولكن ابني يتصل بكل العائله في المناسبات والأعياد بما فيهم أخي هذا ويوصيني وأخواته البنات أن نصل الرحم حتى يتقبل الله دعاءنا لأبينا بالرحمه، وسؤالي هو: هل ما فعلته خطأ، وهل استحق هذا التعامل من أخي واللوم من أمي وهل تصرفي أو تصرف ابني خطأ اتجاه أخي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم نطلع فيما كتبتِه على خطأ صدر منك، ولا على أنك تستحقين هذا التعامل من أخيك ولا للوم الذي قلت إنه صدر من أمك، كما أن تصرف ابنك كله صواب، وليس فيه خطأ حسبما ذكرتِه، ولكن ينبغي أن تعلمي ويعلم ابنك وبناتك أن الرحم في الإسلام عظيم شأنها، جليل خطرها، فالله جل في علاه يصل واصلها ويقطع قاطعها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.

واعلمي أن المرء لا يكون واصلاً لرحمه إلا إذا وصلها في حال قطعها، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.

فاصبري على أذى أخيك واحتسبي في ذلك الأجر من الله، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني