الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم منع الأولاد العاقين من الهبة

السؤال

أعيش في مصر وأولادي في كندا. وزوجتي الأولى (المصرية) التي كانت تعيش في كندا تعيش في مصر حاليا بعد أن طلبت الطلاق ومنحته في كندا. وقد أخذت منزل كندا وكافة ما أمتلكه هناك (أربعون ألف دولار) وذلك لها وللصرف على الأولاد حتى يتخرجوا في الجامعة. ولكنها لم تصرف على الأولاد الذين اعتمدوا على أنفسهم حتى تخرج الابن الكبير من الجامعة أما الصغير فاكتفى بالثانوية العامة. وقد أثرت على الولدين أبنائنا بكلام غير صادق. ولم تستطيع التأثير على ابنتنا الكبرى. الابنة على ود واتصال بي ولذلك فقد قاطعتها أمها. الابنان على جحود معي ولا يتحدثون معي وقد سافرت إلى كندا منذ عامين ورفضوا أن يلتقوا بي مع وساطة الأصدقاء وشيخ الجامع في ذلك. وقد تركوا كندا إلى أمريكا من غير أن أعرف عنوانهم أو تليفونهم. وكذلك أختهم لا تعرف عنوانهم الجديد. وقد حاولت الاتصال بوالدتهم تليفونيا في مصر لإعطائي عنوانهم ولكنها تترك جهاز التسجيل على المكالمات ولا ترد على الرسالة الصوتية التي أتركها وبها تليفوني والتي طلبت منها أن تعطيني تليفون الابنين ليمكنني الصرف على الابن الأصغر حتى يتخرج في الجامعة. ومع أني بدأت من الصفر تقريبا بعد عودتي لمصر منذ 13 عاما إلا أنني والحمد لله ميسور الحال.
والسؤال هو: مع هذا العقوق هل يمكنني أن أترك ميراثي لابنتي الكبرى وزوجتي الحالية دون هذين الولدين. وذلك بأن يكتب لهما (ابنتي وزوجتي الحالية). وبماذا تنصحون أن أعمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن العقوق من أكبر الكبائر وأقبح الأفعال وحسب فاعله إثما أنه لا يدخل الجنة، ولا ينظر الله إليه يوم القيامة، وتعجل له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة والعياذ بالله. إلا أنه رغم ذلك لا يبيح للأب ولا للأم ظلم الابن وغمط حقه، فكل مسترعى وهو مسؤول أمام الله عما استرعاه فيه، ومحاسب عليه، وكل مظلوم سينصف يوم القيامة ممن ظلمه، ويؤتى حقه كاملا غير منقوص حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء كما في الحديث، فما بالك بحق الأب على ابنه وحق الابن على أبيه.

وهنا نقول: لا يجوز للأب أن يجور في هبته وعطيته لأبنائه فيعطي بعضا ويحرم بعضا، لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فارجعه وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي، فرد تلك الصدقة. وفي رواية: قال: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، قال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور.

فلا ينبغي إذن أن تعطي بعض أبنائك وتحرم البعض لتقصيرهم في حقك، والوصية بذلك لا تجوز أيضا عند كثير من أهل العلم، وهي باطلة إذ لا وصية لوارث. وقد فصلنا القول في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19960، 6242، 5348، 8260، وذكرنا في بعض هذه الفتاوى الحالة التي يجوز للوالد إيثار بعض الأبناء على بعض.

وننصحك بمحاولة الوصول إلى الأبناء فربما كانت الأم أغرتهم عليك بإهمالك إياهم ونحو ذلك مما أنت منه براء -كما ذكرت- فوجدوا عليك وهم جهلة لايعرفون حق الأبوة ولايقدرونها.

ولك أن توسط أمهم في ذلك ما داموا على اتصال بها فتكلمها لتستعطفهم لك أو تبعث إليها من أقاربها من له وجاهة عندها فهم أحرى بقبول كلامها ونصحها.

وأما زوجتك فلك أن تهبها من مالك ما تشاء ولايجب العدل بينها وبين أبنائك، ولكن شريطة ألا يكون ذلك بغرض حرمان بعض الورثة كما بينا في الفتويين رقم: 52512، 66390.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني