الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من كان يشك في حرمة الفوائد، وهل ينتفع بها

السؤال

أريد أن أستشير فضيلتكم في هذه المسألة∙ كان لدي في الماضي حساب بنكي يجلب لي فوائد سنوية وذلك على مدى عشرين عاما تقريبا∙ ورغم أن الشكوك قد راودتني أكثر من مرة حول طبيعة هذه الفوائد هل هي حلال أم حرام فإني لم أتيقن إلا مؤخرا بأنها ربا حرام ولذلك قررت ( وذلك منذ سنة) الإقلاع كلية عنها وغلق حسابي البنكي مع التوبة الخالصة إن شاء الله∙ ونظرا لما قلته، فهل يشترط مني لتتم وتكتمل توبتي أن أتخلى عن هذه الأموال الربوية رغم أنها قديمة وأنها اختلطت برأس مالي (وأريد الإشارة إلى أن هذه الأموال الربوية مبالغ كبيرة) ؟ أم يمكنني الاحتفاظ بها كرأس مال جديد بعد أن عزمت عزما قاطعا على ألا أعود أبدا إلى مثل هذه الحسابات الربوية أو غيرها ؟ ولكم الشكر الجزيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على من وقع في الربا أن يتوب إلى الله عز وجل وتكون توبته بأن يقلع عن الربا فورا، وأن يندم على ما مضى من التعامل به، وأن يعزم على عدم العودة إليه ، قال تعالى : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}

وأما عن حكم ما بيده من أموال الربا فينظر فيه فإن كان تعامل بالربا جاهلا بتحريم ذلك وكان معذورا بجهله فلا يجب عليه إخراج هذه الأموال ويكفيه التوبة النصوح ، وله أن ينتفع بها في سائر وجوه الانتفاع ، لقوله تعالى : فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275} وهذه الآية وإن كانت نزلت في حكم المقبوض من ربا الكفار إذا أسلموا فهي كذلك في حق المسلم الجاهل المعذور بجهله إذا تاب وأناب بل هو أولى ، وجاء في الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما يلي : ومن كسب مالا حراما برضا الدافع ثم تاب كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به . اهـ .

لكن الذي يظهر أن السائل كان مفرطا في السؤال، فهو يذكر في سؤاله أنه كان يشك في حرمة هذه الفوائد، فكان ينبغي له أن يسأل عن حكمها وسيجد جوابا، أما وقد فرط في السؤال فلا عذر له بجهله الحكم، وعليه أن يتخلص من الفوائد في وجوه الخير، وإن بلغت ما بلغت، وإذا كان يجهل قدرها عمل بغالب ظنه فيخرج ما يغلب على ظنه ويطيب له بقية ماله .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني