الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوكيل مؤتمن على ما في يديه

السؤال

الإخوة بمركز الفتوى الإسلامية أبعث إليكم بهذا السؤال راجيا الإجابة العاجلة عليه والسؤال هو : أن أحد مدراء الوحدات بالجهة التي أعمل فيها طلب مني إحضار عرض أسعار لشراء أجهزة فأتيته بالفواتير فاختار أقلها سعرا ، ولما كانت هذه الأجهزة خارج بلدنا سعرها أقل فقد طلبتها من هناك وبعتها لجهة عملي بنفس سعر الفاتورة التي اختاروها وأخذت الربح لصالحي ، فهل هذا التصرف جائز وما أخذته حلال ؟ أرجو إجابة عاجلة بارك الله فيكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته من أن أحد مديري الوحدات في الجهة التي تعمل عندها كلفك به من شراء الأجهزة يعتبر توكيلا منه لك بالقيام بتلك المهمة، والوكيل مؤتمن على ما في يديه مما يخص الوكالة، والواجب عليه أن يعمل لمصلحة موكله.

وإذا اشترى الوكيل الشيء المطلوب بأقل مما سماه موكله فإن الباقي من الفلوس يكون للموكل لا للوكيل.

والعمل بخلاف ذلك يعتبر خيانة للأمانة التي أكد الشرع على أدائها. قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.

ولم نجد من أهل العلم من يقول بأن باقي الفلوس في مثل الحالة المسؤول عنها يكون للوكيل.

قال صاحب الكفاف -وهو من علماء المالكية-:

وإن يزد فالزيد للموكــل * لا لوكيله الذي لم يعــدل

وهذا –وإن كان في موضوع من باع بأقل مما حدده الموكل- فإنه لا فرق بين الزيادة في البيع وبين النقص في الشراء.

والذي هو محل بحث بين أهل العلم هو ما إذا كان اشتراء الوكيل بأقل مما حدده الموكل يعتبر تعديا يستحق بموجبه الموكل تضمين الوكيل أم أنه لا يعتبر تعديا، لما فيه من جلب المصلحة للموكل، والصحيح أنه ليس تعديا.

ففي المغني لابن قدامة: وإن وكله في شراء عبد بعينه بمائة فاشتراه بخمسين أو بما دون المائة صح ولزم الموكل; لأنه مأذون فيه من جهة العرف.

وفيه أيضا: وإن وكله في شراء عبد موصوف بمائة، فاشتراه على الصفة بدونها جاز...

وقال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: لا إن زاد في بيع أو نقص في اشتراء ... أو شاة بدينار فاشترى به اثنتين لم يمكن إفرادهما وإلا خير في الثانية, أو أخذ في سلمك حميلا أو رهنا, وضمنه قبل علمك به ورضاك...

وعليه، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله مما فعلته، ومن تمام توبتك أن ترد المال إلى موكلك بالكيفية التي تناسبك. وليس من شروط التوبة أن تبين له أنك كنت قد خنته في أمانته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني