الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكيد والعداء مستمر من أهل الكتاب

السؤال

هناك أناس غير مسلمين يتابعون أسرتي ويتجسسون عليها، ورغم أن أهلي يطبقون الإسلام بصورة تامة إلا أنني كلما ذكرت لأبي أن هؤلاء الكفار يتجسسون علينا كذبني وقال: هذا غير صحيح فهم أناس طيبون والسوء لا يوجد إلا في المسلمين، وقد ذكرت له ما حدث بيني وبين بعض هؤلاء الكفار إلا أنه لم يصدقني وبالأمس فقط دخلت غرفتي فلاحظت أن أحدهم كان يتجسس علينا كانت عندة سيارة خضرا، فحكيت ما رأيت لأختي وذهبت معي لترى السيارة إلا أننا وجدنا سيارة مكانها إنهم يحاولون إقناع أهلي بأنني كذابة فبما تنصحونني؟وفي يوم آخر: أبي وأختي الصغيرة خرجوا معي للمشي في الساعة العاشرة مساء وفي طريق عودتهم صادفت أختي الصغيرة امرأة وأوقفت هذه المرأة أختي وأخدت تسألها (علما بأن هذه المرأة تتعاون مع الجيران الغير مسلمين في مراقبتنا وقد علمت ذلك بعد مراقبة مني ومن أختي خلال نافذة غرفتنا) وأخذت تسأل أختي عن اسمها ومن أين هي وهل تدرس في هذه الدولة الأجنبية (علماً بأن أختي الصغيرة عمرها 10 سنين ولا تدرس هي وأخواتي بسبب عدم قبولنا كمهاجرين) وبعد الانتهاء من الحديث بينهما تحدثت إلى أبي على أنها تعيش في هذه البلاد منذ 27 سنة، وبعدها استكمل أبي مع أختي طريقهما إلى البيت ورأيت شخصاً آخر غير مسلم يتبعه دون علم أبي وأختي ويراقبهما حتى دخلوا البيت ثم بعد ذلك رجع الشخص إلى بيته القريب من بيتنا، وأخيراً أحمد الله على أن ظنوني بهم صحيحة وليس فيها أي شك حيث إني أنا وأختي نقوم بمراقبة الجيران كل يوم دون علمهم وعلم عائلتي بهدف حماية عائلتي بعد الله وسؤالي هو: هل يجب إخبار عائلتي بما يحدث أم سكوتي هو الصواب علماً بأن أبي لا يثق بنا وأننا نشعر بالصعوبة في فتح هذا الموضوع معه؟ملاحظة هامة: بالنسبة للعائلة العراقية إذا حاولوا أن يتعرفوا علينا هي يجب أن نرحب بهم أم نبتعد عنهم مع العلم أنه إذا أتت إلى بيتنا فسوف ترانا وتتعرف إلى بيتنا وأخشى أن تصفنا للجيران كما أعتقد اعتقاداً شديداً أن هذه العائلة العراقية تقوم بذلك كله خوفاً من هؤلاء الناس الغير مسلمين وحفاظاً على أنفسهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمما لا شك فيه أن هنالك عداوة متجذرة بين المسلمين والكافرين، لا يرتاب فيها إلا من غفل أو تغافل عما قصه الله تعالى علينا في محكم كتابه عنهم، فمن ذلك قول الله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة:82].
وقوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة:105].
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) [الممتحنة:1].
وصف الله تعالى الكافرين في هذه الآية بأنهم أعداء لله تعالى وأعداء للمؤمنين، وهذه العداوة لن تزول إلا إذا زال سببها، وهو اختلاف الدينين وافتراق المنهجين، ولذلك قال الله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120].
وعلى ذلك، فيجب على المسلم الحذر من كيد هؤلاء الأعداء ومكرهم، وليعلم أنهم يتربصون بالمسلم الدوائر دائماً، وإن أظهروا خلاف ذلك، ثم إنهم لا يرقبون في مؤمن إَّلاً ولا ذمة كما وصفهم الله بذلك، وعلى ذلك فغير مستبعد أن يكون ما تقولين من أمر هؤلاء الجيران حقاً، وليس مجرد اتهام أو شكوك.
وعلى كل، فعليك أن تحذري هؤلاء الجيران، وتحذري أهلك منهم، وتحاولي أن تطلعي أباك وأسرتك على تلك التصرفات المريبة التي يقومون بها، عسى أن يقتنعوا بما تقولين، ويأخذوا حذرهم من هؤلاء القوم قبل أن يوقعوا بهم وقيعة.
وأما العائلة العراقية التي ذكرت، فلا يجب عليكم التعارف معهم، ولا أن تسمحوا لهم بالدخول عليكم، إلا أنهم إن كانوا مسلمين طيبين مسالمين مأموني الشر، فلا حرج في التعرف عليهم، خاصة إذا كان يرجى منهم أن يكونوا عوناً لكم.
وأخيراً ننبهك إلى أنه إذا كان البلد الذي تقيمون فيه ليس من بلاد المسلمين، فإنه يجب عليكم الارتحال عنه، ومغادرته إلى بلد من بلاد المسلمين، وذلك لأن الإقامة في بلاد الكافرين ومساكنتهم فيها لا تجوز إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك، أو حاجة لابد منها، كالعلاج مثلاً، ونحو ذلك.
وراجعي الجواب رقم: 2469.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني