الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأصل عدم جواز المتاجرة في أجهزة الاستقبال الفضائي

السؤال

أعمل في تجارة أجهزة الاستقبال الفضائي هل هذه التجارة محرمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن غالب من يستعملون هذه الأجهزة لا يتقون الله تعالى عند استعمالها، فيجعلونها وسيلة لمشاهدة ما لا تحل مشاهدته من الأفلام الخليعة، والمسلسلات الساقطة، والأغاني الماجنة، والبرامج الهدامة، وأحسن مستخدميها حالاً من لا يقصد ذلك، ولا يتورع منه إذا رآه.
القلة النادرة من الناس هم الذي يحاولون تحاشي ما يبث عبر تلك الأجهزة مما حرم الله، مع أنهم لن يسلموا غالباً من سماع أغنية محرمة، أو نظرة عابرة إلى امرأة عارية، أو متبرجة، أو نحو ذلك.
وبناءً على ذلك، فإن الأصل هو عدم جواز المتاجرة في مثل هذه الأجهزة، لما في ذلك من العون للناس على الإثم، وتسهيل الوصول إليه، بل إن على أولياء الأمور أن يمنعوا استيرادها واستعمالها في بلاد المسلمين.
قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2].
ولكن إذا تأكد المرء أنه لن يبيع هذه الأجهزة إلا لمن يحاول تحاشي ما تبثه من محرمات، ويقتصر على الانتفاع بها فيما أحل الله تعالى، فإنه قد يتصور جواز بيعها، مع أن هذا مجرد افتراض، لأنا لا نتخيل وجوده في الواقع، بحيث يكون من هذا الصنف مشترون يعتمد على شرائهم لفتح محل لبيع هذه الأجهزة والمتاجرة فيها.
والذي ننصحك به هو أن تتقي الله تعالى، وتبتعد عن هذا العمل، وتبحث عن عمل لا شبهة فيه، لأن من أهم وأول ما يجب على المرء الحرص عليه هو طيب كسبه، ليتقبل الله منه نفقاته وصدقاته ودعواته.
ومن اتقى الله تعالى جعل الله له مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب، وعداً منه لن يخلفه أبداً: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق: 2-3].
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك الصراط المستقيم، وأن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، ويحفظنا وإياك من موجبات سخطه وأليم عذابه، وأن يرزقنا وإياك العلم النافع، والعمل الصالح المتقبل، والرزق الحلال الطيب الواسع المبارك إنه سميع الدعاء.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني