السؤال
أنا طالبة في المستوى الثاني في الجامعة ودائماً من المتفوقات ومن أوائل الدفعة، لكن في هذا الفصل الجدول فيه عدة محاضرات في الفترة المسائية وأنا منزلي بعيد فعندما أستخدم المواصلات العامة فيها مخاطرة، فقد سبق أن تمت محاولات اختطاف بنات في منطقتي، فهل يجوز لي أن أجعل صديقاتي يكتبن اسمي أني حاضرة وأنا غائبة، علماً بأن هذه المواد هي من متطلبات الجامعة كاللغة العربية والثقافة الإسلامية، وأنا تخصصي نظم معلومات، فأرجو الرد في أقرب وقت؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن اللغة العربية والثقافة الإسلامية لا يجوز أن يعتبرهما المسلم مواد ثانوية، ولو كان تخصصه نظم معلومات أو غير ذلك من التخصصات العلمية، ذلك أن اللغة العربية والثقافة الإسلامية يحتاج إليهما المسلم والمسلمة في حياتهما كلها، ولا يمكن أن يستغنيا عنهما بحال من الأحوال، إلا إذا قُدر أنه يمكن أن يستغني عن دينه، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن جعل صديقاتك يكتبن اسمك أنك حاضرة وأنت غائبة يعتبر كذباً وغشاً، والأصل في الكذب والغش أنهما محرمان، كما لا يخفى على كل امرئ، مع أنه إذا ثبت ما ذكرته من بعد مسكنك عن الجامعة، واحتياجك في الفترة المسائية إلى استخدام المواصلات العامة، وأنه قد سبق أن تمت محاولات اختطاف بنات في منطقتك... مما يؤكد أن حضورك للمحاضرات المسائية يشكل خطراً على حياتك أو على عرضك.
نقول إذا غلب على ظنك أن حضورك للمحاضرات المسائية سيشكل خطراً على حياتك أو على عرضك، فإنه يجوز لك بل قد نقول إنه يجب عليك التخلف عن هذه المحاضرات، لأن حفظ النفس وحفظ العرض واجبان، وهما من الضروريات المتفق عليها بين سائر الملل، وحينئذ فإذا كان تخلفك عن المحاضرات لا يمكن أن يستغنى فيه عن التوقيعات المذكورة، فإنه يباح لك جعل صديقاتك يوقعن بذلك، لأن الوسائل إلى الواجبات واجبة.
ولكن ينبغي أن لا يغيب عن ذهنك أن إسقاط الحرج عنك فيما أصله التحريم ليس إلا لما ذكرتِه من الخطر، فإذا كنت ستحضرين المحاضرات المسائية المتعلقة بمواضيع اختصاصك، وتريدين التخلف عن المحاضرات الدينية والعربية، أو كان في إمكانك الوصول إلى وسائل النقل التي لا يوجد فيها خطر، أو كان احتمال الخطر في المواصلات العامة بعيداً ونحو ذلك... فقد علمت أن ذلك لا يباح لك، وعلى أية حال فإنك في هذه الحالة فقيهة نفسك، لأنك أدرى بحالك وظروفك، وفي الحديث الشريف: استفت نفسك، استفت قلبك... البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد والدارمي، وأصله في صحيح مسلم.
والله أعلم.