الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميل للأم لا يكون على حساب بر الأب

السؤال

أنا شاب في 21 من العمر لدي ثلاث إخوة وأخت ووالدي يريد أن يتزوج على أمي دون سبب يذكر وأنا أحب والدتي جداً وهي تنزعج من هذا الأمر ككل النساء ووالدي يعاملها بقسوة، أما التي يريد أن يتزوجها والدي فسمعتها ليست جيدة، فماذا أفعل أنا في مثل هذا الموقف؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لأبيك معاملة أمك بقسوة إذ ذلك ينافي العشرة بالمعروف المأمور بها في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}، وإذا صدر منه ما ينافي ذلك فلا حرج في نصحه وتذكيره بالقول اللين والأسلوب الحسن دون جدال له أو رفع صوت عليه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 77896.

واعلم أن لأبيك حق التعدد إذا توافرت الشروط المبيحة لذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 1342.

ولا ينبغي لك معارضته إذا أصر عليه، ولا يكن ميلك لأمك وحبك إياها على حساب برك بأبيك، فلكل منهما حق عليك يجب أداؤه إليه فالله سبحانه وتعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}، ولكن إن كانت سمعة المرأة التي ينوي الزواج منها سيئة، فينبغي نصحه بالإعراض عنها والبحث عن غيرها إن كان لا بد فاعلا، والأولى توسيط من له وجاهة عنده من طلبة العلم ومن زملائه ليباشروا نصحه ومناقشته إذ لا يؤمن سخطه عليك إن فعلت ذلك معه، ثم إننا ننصح أمك بقبول هذا الأمر منه، والتحلي بالصبر وحسن التبعل له وذلك طلباً للأجر من الله تعالى، ثم حفاظاً على نفسها وأسرتها من الضياع والتشتت في حال حصول الخصام الذي قد يؤدي إلى الطلاق، وربما كان سبب سعيه في ذلك عدم تبعلها وتجملها له وعدم مراعاتها لشعوره فيما يحب، فلتراجع نفسها في ذلك ولتغير من حالها معه وتسعى في مرضاته، فذلك أولى من معارضته والخصام معه أو طلب الطلاق منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني