السؤال
ما حكم تلك المعاملة وذلك نص أو المفهوم الذى يعملون به: يقوم هذا النموذج غير الربوي الخاص بنا بافتراض أن الشركة سوف تقوم بشراء العقار مشاركة مع العميل، وتتفق على بيع حصتها فى العقار إلى العميل، كما يفترض أن العميل يستأجر حصة الشركة فى العقار، ويتم الاتفاق على إعادة شراء العميل لحصة الشركة فى العقار بقيمة التكلفة بدون إضافة أي زيادة (فائدة) وذلك لفترة زمنية متفق عليها (فترة التمويل) بحد أقصى عشرون عاما، الدفعة الشهرية لرأس المال التي يدفعها العميل تقوم بتقليل حصة الشركة، وبالتالى زيادة حصة العميل تدريجيا حتى تصل حصة العميل إلى 100% بنهاية فترة التمويل، يكون للعقار قيمة سوقية، وأفضل ما يعبر عن تلك القيمة هى القيمة الإيجارية له فى السوق المفتوح، ومن المفترض أن يتم تأجير العقار بقيمة عادلة تحكمها عوامل التميز المختلفة كالموقع ومواصفات البناء والمساحة والاتجاهات.... إلخ، هذه القيمة يتم التوصل إليها والاتفاق عليها بين الطرفين (الشركة وطالب التمويل)، وأسلوبنا المتبع فى تحديد تلك القيمة هو أن يقوم العميل بالتحقق من تلك القيمة الإيجارية من عدة مصادر مختلفة بالسوق لذلك العقار أو لعقار مشابه له فى مختلف الظروف، وتقوم الشركة من جانبها بالتحقق بنفس الأسلوب من عدة مصادر أخرى، ثم يقوم الطرفان (الشركة والعميل) بالاتفاق سويا على قيمة عادلة ومعقولة للايجار، (المتوسط مثلاً) هذه القيمة تكون هي الاساس فى حساب الدفعات الشهرية، يتم تقسيم القيمة الإيجارية المتفق عليها بين الشركة والعميل بنفس نسبة الحصص التمويلية لكل من الشركة والعميل، ويقوم العميل شهريا بشراء أجزاء من حصة الشركة (الدفعات الإيجارية الشهرية) وبذلك تزداد نسبة حصته شهريا، وبنفس المقدار تنقص حصة الشركة شهريا، وبالتالي تقل الدفعة الإيجارية التي تدفع شهريا من العميل إلى الشركة، وذلك الجزء من الدفع يسمى العائد على رأس المال، تتكون الدفعة الشهرية من حاصل جمع: (الدفعة الشهرية لرأس المال+ الدفعة الممثلة للعائد على رأس المال)، هذا الأسلوب يسمح للعميل بتمويل عقار بنظام مبني على قيمة سوقية عادلة للإيجار، وهذا يتفق مع تعاليم كافة الرسالات السماوية؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم الأخ السائل أن الحكم على المعاملة المذكورة أو غيرها بالجواز وعدمه ينبني على النظر في صفة العقد المبرم بين الشركة والعميل، فالعقد كما هو معلوم شريعة المتعاقدين، وإليه يرجع الخصوم عند التنازع وعليه الاعتماد في الحكم والفتوى وما ورد في السؤال ليس عقداً يمكن أن نبني عليه حكماً، وبالتالي يتعذر علينا أن نحكم على المعاملة المشار إليها من خلال كلام إنشائي أو تصور لم يترجم إلى بنود وشروط واضحة، ولكننا ننقل للأخ كلام بعض أهل العلم الذين اطلعوا على تفاصيل عقد هذه المعاملة أو مثلها وانتهوا إلى حكم بشأنها، والكلام المنقول للدكتور معن القضاة عضو اللجنة الدائمة للافتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا جاء في دراسته ما يلي: (أ) ينبغي أن يسمى النموذج السابق الذي تحدد فيه شركة (....) علاقتها مع العملاء نموذج (مشاركة متناقصة منتهية بالتمليك)، ذلك بحسب الطريقة الموصوفة على موقع الشركة أعلاه، وليس (التأجير للشراء أو التأجير التمويلي) والذي يختلف قليلاً في مواصفاته وشروطه عن المشاركة المتناقصة، ويسميه بعض الفقهاء المعاصرين (الإيجار المنتهي بالتمليك)، ولا مشاحة في الألفاظ، كما يشترط في النموذج السابق أن يلتزم بالشروط الذي وضعها علماء المجامع الفقهية المعاصرة لإباحة (المشاركة المتناقصة) حتى يجوز للمسلم مباشرته ممولاً كان أم عميلاً.
(ب) يشترط لصحة (الشركة المتناقصة المنتهية بالتمليك) على النحو المعهود فقهاً، والذي اعتمدته المجامع الفقهية المعاصرة، أن تمر بثلاثة عقود، لا تداخل بينها، ولا يشترط أحدها لإتمام الآخر، ويترتب على كل عقد أحكامه المقررة شرعاً، وهذه العقود هي:
1- يشتري الممول والعميل البيت على المشاع، كل حسب مساهمته، ويشتركان في دفع في التأمين الإلزامي، والصيانة، والضرائب، ورسوم نقل ملكية العقار للمالك الجديد وغيرها، كل بنسبة ملكيته، ويتحملان مخاطرة تلف البيت بنفس النسبة.
2- يقوم العميل باستئجار حصة الممول من العقار.
3- يقوم العميل بشراء حصة الممول بالتدريج، وذلك بدفع قسط دوري يتكون من قيمة إيجار الجزء المملوك للممول، وثمن السهم المبيع للعميل، وذلك إلى أن ينتهي العميل من دفع ثمن كل الأسهم المملوكة للممول، فيمتلك البيت وتنتهي الشركة.
ثم ذكر الباحث أنه إذا لم يتم الالتزام بهذه الشروط وهو واقع الشركة التي أجرى عليها الدراسة أنه لا يجوز الدخول في مثل هذه المعاملة فقال: بما أن المكتوب على موقع الشركة على الإنترنت لا يعد عقداً، ولعدم التزام الشركة في العقد المبرم مع العملاء بكل ما سبق بيانه لصحة عقد (المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك)، فإن العلاقة التجارية بين الشركة والعملاء مرفوضة شرعاً، والعقد المبرم بينهما عقد باطل غير معتبر، وهو عقد قرض ربوي لا يجوز للمسلم إبرامه، ممولاً كان أم عميلاً، لأنه صريح الربا الذي جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية بتحريمه، وهو ربا الديون، والذي يدفع بموجبه المقترض أكثر مما أخذ، وسواء نتجت الزيادة عن بيع أجل لم يدفع المشتري قيمته في الوقت المحدد، أو عن قرض مؤجل بزيادة مشروطة.
كما أن العقد السابق يعد من القرض الذي جر نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا، خاصة أن النفع -والحالة هذه- من نفس جنس ونوع القرض، وهو النقود، والنقود من الأموال الربوية قولاً واحداً.
ثم اقترح الباحث حلولا لهذه المعاملة وبدائل فقال: حتى يصبح هذا العقد مباحاً شرعاً، لا بد من استيفاء كل شروط صحة عقد المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، بأن تتملك الشركة والعميل كلاهما العقار تملكاً حقيقياً يتقاسمان فيه المغنم والمغرم، ثم يستأجر العميل حصة الشركة ويشتريها بالتدريج، كما يمكن أن تعتمد الشركة طريقة الإيجار المتناقص المنتهي بالتمليك، بأن تشتري جميع العقار لنفسها، ثم تقوم بتأجيره للعميل مدة طويلة، واعدة إياه بإعطائه البيت بدون مقابل أو بمقابل رمزي إذا التزم باستئجار العميل، ثم تقوم ببيعه له مؤجلاً. انتهى.
والله أعلم.