السؤال
هل الذي يحرف حديثا أو يستهزئ به يعتبر كافرا، وما حكم تكفير شخص لشخص آخر لأنه حرف حديثا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يحرف الحديث استهزاء به يعتبر كافراً كفراً مخرجاً من الملة والعياذ بالله، لقوله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}، ومثل الاستهزاء به أيضاً أن يكون تحريفه للتبديل والتغيير في الدين، فقد وردت مذمة اليهود في آيات كثيرة بسبب تحريف كتابهم، قال الله تعالى: مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ {النساء:46}، وقال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ {المائدة:41}، وقال تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {البقرة:75}.
وأما إذا كان المقصود بتحريف الحديث هو تغيير لفظه ترغيباً للناس في فعل بعض الطاعات أو الابتعاد عن بعض المنكرات ونحو ذلك، كما يفعل بعض الصوفية الجهلة في وضع أحاديث في فضائل السور وفي الصلاة الليلية والنهارية وغير ذلك... فإن الفاعل لمثل هذا لا يعد كافراً، ولكنه -نعوذ بالله- قد أتى بذنب كبير، لما تعمده من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
وإذا تقرر هذا علمت أن تكفير شخص لشخص آخر لكونه حرف الحديث الشريف لا يعد خطأ إذا كان التحريف وقع استهزاء أو تبديلا للشرع، وأما إذا كان ترغيباً في العبادة أو تحذيراً من المعصية، فإن تكفير الفاعل -حينئذ- يعتبر خطأ كبيراً، لما في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني