الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال الذي تحصل عليه شخص من معاملات محرمة

السؤال

تعقيبا على الفتوى الصادرة منكم لي رقم الفتوى 94878 رقم السؤال 2145415
تلقيت ردكم على سؤالي وأشكركم ، وأريد أن أضيف جوانب أخرى للموضوع وإضافة استفسار آخر بناء على ردكم
1 - الجهات التي تضطلع بتنفيذ أعمال استيراد السيارات هي جهات عامة ولها خصوصية حيث إنها تتبع القيادة العليا للدولة ومن ضمن مهامها الصرف وتوفير احتياجات قيادة الدولة والحاكم وأسرته وأقاربه والبطانة المحيطة به والمساهمة في تخفيض اعتماد القيادة على السحب المباشر من الخزانة العامة وذلك بخلق مصادر دخل بديلة تتمثل في القيام بأعمال تجارية وتحقيق أرباح ذاتية من المجتمع. ولأن هذه الجهات والمؤسسات لا تستطيع ولا ترغب العمل ضمن إطار المنافسة لذلك يهيأ لها ظروف احتكار، استيراد هذه السيارات المدعومة من الخزانة العامة لأنها تخشى في ظل المنافسة العادية أن لا تحقق نفس الحجم من الأرباح حيث إنها الآن تبيع سيارات مدعومة من الخزانة العامة ولذلك أسعارها لا تقبل المنافسة من قبل التجار الآخرين لأنهم يبيعون سيارات بالأسعار العادية . أيضا تحقق المؤسسات القائمة بالاستيراد أرباحا طائلة تحول إلى القيادة العليا للدولة في صورة عينية أو نقدية أو خدمات.
يحقق بعض المحيطين بالحاكم أرباحا طائلة من هذه العمليات ، حيث لا تقوم المؤسسات المستوردة بالاستيراد مباشرة من الشركات المصنعة للسيارات وإنما تقوم المؤسسات المستوردة بالاستيراد عن طريق شركات وسيطة تجارية خاصة تخص بعض الأفراد المحسوبين على الحاكم أو أحد أبنائه.
تلك كانت بعض جوانب الموضوع لم أتناولها في رسالتي السابقة لأن أحد الأصدقاء نصحني أن لا أسردها لأنه ( حسب قوله ) الشيوخ لا يهتمون بنوايا النظم الحاكمة في البلدان الإسلامية وعلى الأخص النوايا التي يضمرونها وغير معلنة للعامة مثل هذه الحالة التي بين أيديكم.
والآن لدي استفسار آخر:
سبق أن تحصلت على سيارات من إحدى نقابات العاملين في إحدى المناطق الريفية حيث لم يكن هناك إقبال على هذه السيارات نظرا لمشاكل التسليم وتأخر الدولة في الماضي في تسليم السيارات إلى حد غير معقول لعدة سنوات وتحتفظ في هذه الفترة بأموال الناس ولذلك لم يكن هناك إقبال، على العموم تحصلت على السيارات وبعتها وتمكنت بها من سداد باقي ثمن البيت الذي أسكن فيه وسداد ديوني الأخرى، في الفترة الحالية توسطت لإتمام اتفاق بين موظفين في إحدى الجهات وممولين على أن نقتسم الأرباح كما يلي النصف للممول والعشر لي والباقي للموظف ما حكم ما تحصلت عليه من شرائي للسيارات ومن وساطتي بين الموظفين والممولين وكيف أتصرف في الأموال التي تحصلت عليها في حال أنها مال حرام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا نرى أن ما أضفته إلى السؤال من توضيح، وما طرحته من استفسارات يضيف شيئا إلى ما كنا قد أجبنا به.

ذلك أننا -كما نصحك صديقك- لا نهتم بنوايا النظم الحاكمة في البلدان؛ لأن السياسة بين الحكام والمحكومين ليست من ضمن اختصاصنا، وإنما مركزنا هذا "مركز الفتوى" مختص بالإجابة عن الأسئلة والاستفسارات في المجالات الشرعية، لا غير.

هذا بالنسبة لتلك الفقرة التي ابتدأت بها، وفيما يخص الاستفسارات التي ختمت بها السؤال، فقد بينا لك أن المعاملات التي تنعقد بين المستفيدين من الميزات وبين الممولين، إنما نراها أكلا للمال العام بغير حق، وأن كل من شارك فيها من قريب أو بعيد يعتبر متعاونا على الإثم.

واستثنينا أولئك الذين ذكرت أنهم في ضيق من العيش، وقلنا إنهم إن لم يصرف عليهم من المال العام ما يزيل الضيق عنهم، كان من حقهم إزالة الضرر عن أنفسهم بأخف الحلول ضررا.

ونضيف هنا أن من دخل في تلك المعاملات جاهلا حرمة الدخول فيها، ثم تاب بعد علمه حكمها، كان مباحا له أن ينتفع بما استفاده منها؛ لأن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة :275]. والأورع له أن يتخلص منه في شيء من أوجه الخير والبر، أو في المصالح العامة للمسلمين.

وأما من دخل فيها وهو يعلم تحريمها، فإن من توبته أن يتخلص مما استفاده منها في أوجه الخير؛ لأن ذلك هو سبيل التخلص من المال الحرام.

فانظر في أي هذه الحالات تدخل حالتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني