الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دلالات الشعور بنقص كمال التوجه إلى الله

السؤال

أنا شاب يبتغي رضى الله في نفسه وطاعته لله. كنت منذ زمن قريب مقصر في حق ربي علي وما زلت ولكن الآن وأنا أحاول العودة لربي أجد بداخلي إحساسا أني أفعل الطاعات رياء ونفاقا ولو فعلت شيئا سرا أجد في نفسي العجب والفرح بما فعلت وإن كان قليلا . أنا أعرف أني مهما فعلت من طاعات لن أوفي حق ربي إلا برحمته ولكن عندما أتذكر ورع وخوف الصحابة والسلف الصالح وطريقة عبادتهم وعندما أتذكر موقف سيدنا عمر وخوفه من أن يكون من المنافقين الذين ذكرهم سيدنا محمد أجد نفسي لست إلا عبدا مصرا يفرح بفتات الطاعة وأجد العجب والنفاق قد تملكا نفسي . هل يقدر العبد أن ينافق ربه وهو يعلم ما بنفسه ؟؟ وكيف يتقي العبد النفاق والعجب ؟ وهل لو كنت من الناس الذين يهمهم نظر الناس له أكون منافقا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنهنئك على العودة إلى الاستقامة على شرع الله تعالى والابتعاد عما كنت عليه من التقصير في حق الله تعالى، ونبشرك بأن الله تعالى يقبل توبة عبده بل ويفرح بها، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ {الزمر:53}، وقال أيضا: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:110}، وراجع الفتوى رقم: 77561.

وما تشعر به من إحساس داخلي وشكوك بكونك تفعل الطاعات نفاقا فقد يكون هذا مجرد شعور بنقص في كمال التوجه إلى الله تعالى أو بضعف في مراقبته، ومن النادر السلامة من مثل هذا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 76713. وكذلك بالنسبة للشعور بالرياء أو العجب، وراجع الفتوى رقم: 14440.

وقد يكون الأمر راجعا لكيد الشيطان ووساوسه للتشويش عليك ولتثبيطك عن فعل الطاعات بحجة عدم قبولها منك بسبب وسوسة الرياء أو النفاق أو العجب، والفرح بفعل الطاعة مع السلامة من الرياء والعجب دليل على قوة الإيمان وكماله؛ كما في الفتوى رقم: 71417.

وعلاج النفاق تقدم بيانه في الفتوى رقم: 5815، والفتوى رقم: 94258.

كما سبق علاج العجب والرياء في الفتوى رقم: 63817، والفتوى رقم: 8523.

والخوف من النفاق صفة من صفات السلف الصالح لكن لا ينبغي أن يصل ذلك الخوف إلى درجة اليأس والقنوط وراجع الفتوى رقم: 55443، والفتوى رقم:68464.

وعبارة [فتات الطاعة] غير لائقة فإن كل طاعة لله تعالى فعلها المسلم مع الإخلاص فيها والسلامة مما يبطلها سيجد ثوابها عند الله تعالى مهما كانت قليلة، ولا ينبغي له احتقار أي شيء من الطاعات لقوله تعالى : إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:40} وقال صلى الله عليه وسلم : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. رواه الإمام مسلم في صحيحه، وإذا كان الإنسان يهتم بنظر الناس إليه بمعنى أنه يجتهد في تحسين الطاعة من أجل نظر الناس إليه فهذا ليس بنفاق بل هو رياء ويسمى بالشرك الخفي، وإن كان المقصود أنه يخلص في الطاعة لله تعالى ثم بعد اطلاع الناس على عمله فرح بذلك فلا حرج عليه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 10992. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 65194.

وأما قولك: هل يقدر العبد أن ينافق ربه فلم نفهم مرادك به لكن نقول: إنه من الممكن اتصاف الإنسان ببعض صفات المنافقين مع اعتقاده أن الله تعالى مطلع على ما في قلبه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني