الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحبـيب المكـروه

الحبـيب المكـروه


خطب جلل ، وحدث عظيم ، يزداد على إثره العويل والنحيب ، تتزاحم الأرجل ، لتجوب أرجاء المكان ذهابـًا وإيابـًا ؛ انتظارًا لخروج بلا عودة ، ونظرة أخيرة على أمل لقاء مجهول الموعد ، يسير الصندوق الصغير مثقلاً بحمله من عدة أعوام حصيلتها من العبادات والطاعات ، أو المعاصي والآثام ، لا يحيط بها إلا رب الأرباب ، فقد انتهى الأمل ، وتقطعت الأسباب ، وأهيل على الجسد التراب .
إنه الموت ، الحقيقة الغائبة أو المُغَيبة ، النهاية المحتومة لكل بداية معلومة ، الحد الفاصل بين الخوف والأمان ، الضياع والاستقرار ، بين التعب والنصب ، والراحة والفرج .
كثيرون يغضون الطرف عن ذكره والحديث عنه ، وينعتون ذاكره بالتشاؤم والقتامة ، والفشل في مواكبة سير الحياة ، مع أن أفضاله كثيرة ، ومميزاته متعددة ، فالموت ما هو إلا تبدل حال ، وانتقال من دار إلى دار ، فالإنسان لم يخلق للعدم والفناء ، ولكن للخلود والبقاء ، وهو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحفة المؤمن وريحانته ، لأنه خير من فتنة الدنيا ، وراحة من أذاها ، وذِكْرُ المؤمن له علامة شوق إلى لقاء الله عز وجل ، فهو طريقه إلى الجنة ، وحريته من سجن الدنيا ، وهو أول سرور يدخل على قلبه ونفسه ، لما يرى من ثواب الله تعالى ورحمته أثناء خروج روحه من جسده وآلامه وسكراته ، وكفارة له ليلقى الله عز وجل بصحائف بيض ، وذنوب مغفورة ، وقديمـًا قالوا : " من لم يسره الموت فهو منقوص " .
ومن منا لم تثقله ذنوبه وآثامه ؟!
من منا قد كمل إيمانه واستعد للقاء ربه وقتما كان أجله ؟! إلا من رحم ربي .
ترى ماذا يفعل أحدنا إن كشف له موعد موته واقتراب نهايته ؟
سوف تتقزم أمامه الدنيا برحابتها ، وتتعاظم الذنوب والمعاصي على ضآلتها ، وتصبح كالجبال جاثية فوق صدره ، ويأتيه الشيطان - وهذه فرصته - ليذكره بما اقترف من ذنوب ، وبما ضيع من حقوق ، وبما أهدر من وقت ، ليوهمه بأن ريح الجنة بعيدة المنال ، وأن دخولها محال محال ، وأن النار لم تخلق إلا لمثله ، وأن رحمة الله عز وجل قد ينالها العالمون ؛ دونه .
فالحذر الحذر ، إنها أوقات صعبة ، ولحظات قاسية ، يجب أن يستعد لها المسلم أيما استعداد ، بتدريب النفس على ذكر الموت ، وعلى حبه ، فلقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) .
فمن أحب الله عز وجل ورسوله الكريم كان لزامـًا عليه أن يحب الموت ، فهو السبيل الوحيد للقائهما .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة