الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأخطاء الشائعة

الأخطاء الشائعة

الأخطاء الشائعة

اللغة هي أهم إرث مشترك بين حضارات الأمم والشعوب. ولا يُعقل أن يحدث تبادل حضاري دون أن يحدث تبادل لغوي. ولهذا، فإننا لا نجد معجما متكاملا تخلو مفرداتُه وأساليبُه من مظاهر الاقتراض والتطور، بما يتضمنه من أثيل ودخيل ومُولَّد ومحدَث.

ومن اللافت أننا نسمع، من حين إلى آخر، من يقول: هذه الكلمة لا وُجود لها في اللغة العربية ولذلك فإننا، قبل إبداء الرأي في هذه المسألة، نريد أن ننصح المهتمين بهذا الموضوع بعدم التسرع في إصدار حُكم على لفظ مُعَيَّن بأنه لا يوجد في اللغة العربية، أو الحكم على تعبير بأنه خطأ، لأن لغتنا العربية لغة غنية، في مفرداتها، وفي تراكيبها ومجال المجاز فيها رحْب. يضاف إلى ذلك أن ما يُتداول منها في حياتنا اليومية، لا يمثِّل إلا نسبة قليلة مما تزخر به المعاجم والمراجع، القديم منها والحديث. ومع ذلك، فلا بدّ من تحري الدقة، حتى نتجنَّب الخطأ ونعتمد الصحيح الفصيح، وُصُولاً إلى الأصحّ والأفصح.

ولا يفوتنا أن نشير إلى أن اللغة تتطور باستمرار، وهذا التطور يلحق المعنَى والمبنَى والأسلوب والقواعد المتصلة بوظيفة الكلمة وتركيب الجملة. ثم إنَّ اللغة تتأثر باللغات الأخرى وتؤثر فيها، وهو ما يُطلق عليه "الاقتراض اللغوي".وقد تأثرت اللغة العربية، في القديم، ببعض اللغات المجاورة، مثل: الفارسية، والحبشية، والرومانية، كما تأثرت، في العصر الحديث، بلغة المستعمر وأثّرت فيها، في الفترات التي خضع فيها الوطن العربي للاستعمار، الإنجليزي والفرنسي بصفة خاصة.
وبخصوص تأثير اللغة العربية في اللغات الأجنبية التي احتكّت بها، يكفي أن نُلقي نظرة على معاجم هذه اللغات لنجد فيها العديد من الكلمات ذات الأصول العربية. أما بخصوص تأثّر اللغة العربية بهذه اللغات، فيتمثل في دخول مفردات أجنبية بلفظها إلى اللغة العربية حيث أُلحق بعضُها بالأبنية العربية الموجودة، وبقي بعضُها خارج هذه الأبنية يُتداول بين الناس، بعد أن فرضته العولمة وتدفُّق المعلومات- بلغات أجنبية- بسرعة تفوق التصور، مما جعل المترجمين- وهم في سباق مع الزمن – لا يجدون الوقت الكافي لتدقيق وتمحيص ما يترجمون. وبعد أن تدخل هذه المترجَمات المُهَلْهَلَةُ حَيِّز الاستعمال، تشيع بين الناس ويصعب بعد ذلك تصحيحها أو إيجاد ما يحل محلها وترسيخه في أذهان الناس.

ومن هذا التأثّر كذلك، خاصة في لغة الصحافة، ما يتعلق بالأساليب، نحو: ترشيد الاستهلاك (بمعنى تقليل الاستهلاك)، وتحريك الأسعار (بمعنى رفع الأسعار قليلا)، وتمرير القرار (بمعنى إيجازه والموافقة عليه).. وهكذا. ونحن نعتقد أن هذا التأثّر ظاهرة محمودة، بشرط أن نضع له ضوابط تضمن الاستفادة منه في إغناء لغتنا وتلقحيها بالجديد، دون أن تفقد مميزاتها الجوهرية. واللغة العربية وهي تفتح صدرها لهذه الأساليب الجديدة، إنما تبرهن على أنها لغة حية تستوعب كل جديد، نافية بذلك ما يُوجَّه إليها من تهم بالعقم والقصور عن استيعاب الجديد.

ولعلّ أكبر تحدٍّ تواجهه اللغة العربية، في الوقت الراهن، هو عزوف أهلها عن تعليمها وتعلُّمها، والتبحّر في قواعدها، جرياً وراء "لقمة العيش" التي أصبحت، بكلّ أسف، مرتبطةً – إلى حدٍّ كبير- بتعلُّم لغة أجنبية. وهنا نريد أن نؤكّد أننا لسنا ضد تعلُّم اللغات الأجنبية.

ومع أنه لا ينبغي لللغة الأجنبية أن تزاحم اللغة الأم في عُقْر دارها، ومن ثم فإن العناية باللغة العربية تفرض نفسها في الوقت الراهن، أكثر من أي وقت مضى، حتى نحافظ لها على المكانة اللائقة بها بين اللغات الأجنبية، ولن يتأتى ذلك إلا بتطويرها وتنميتها، واتخاذ قرار سياسي يجعلها لغةَ التدريس في جميع مراحل التعليم، ولغة الإدارة، ولغةَ "أكْلِ الْخُبْزِ"؛ أي إتاحة الفرصة لمن تعلمَّها وتعلَّم بها أن يحصل على العمل المناسب.

وعوداً على موضوع المقال "الأخطاء الشائعة" فإن هذه القضية قديمة كُتبت فيها البحوثُ، وأُلِّفت فيها المعاجمُ، ويتجدّد الحديثُ بشأنها يوماً بَعْدَ يَوْمٍ، وتثير قلق المهتمين بسلامة اللغة، لأنهم لو تركوا "الحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ" في هذا الشأن لأَصبحت اللغة مشوَّهَة. وبالنسبة إلى اللغة العربية فإننا نلاحظ- مع الأسف- أن الجهود التي تبذلها مؤسسات العمل العربي المشترك في هذا المجال، ما زالت غيرَ كافية، على الرُّغم من جهود بعض مجامع اللغة العربية والمؤسسات العربية المتخصصة، ومن بينها، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وجهازُها المتخصّص، مكتب تنسيق التعريب. ولعل أكبر دليل على صحة ما نقول، هو خُلوُّ المكتبة العربية من معجم عربي تاريخي، يرصد تطور اللغة عبر العصور، ومعجم عربي حديث، يستوعب ما جَدّ من ألفاظ ومفاهيم. وللأمانة، لا بد أن نشير إلى وجود بعض الأعمال، وإن كانت غير كافية، مثل: المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة الذي تَضَمَّن بعض الألفاظ الحديثة، والذي يمكن اعتباره أساساً يُبنَى عليه لِسَدّ الفراغ الخاصّ بالمعجم العربي الحديث. والأمل معقود على أن يتمكن المجمع من وضع معجم تاريخي للغة العربية، بالتعاون مع المجامع العربية العلمية واللغوية الأخرى.

وهناك أعمال أخرى، تصب في هذا الاتجاه، نذكر منها:

المعجم العربي الأساسي للناطقين بالعربية ومتعلميها، الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
وفي ضوء تجربتنا، ضمن هيئة تحرير مجلة " اللسان العربي" الصادرة عن مكتب تنسيق التعريب بالرباط، والتي تُعنى بنشر البحوث والدراسات الخاصة بقضايا اللغة العربية والتعريب والترجمة والمصطلح، نلاحظ أن أغلبية الأبحاث التي يَبعث بها إلينا أصحابُها من أجل النشر، مليئة بالأخطاء النحوية والصرفية والإملائية والأسلوبية..، مما يدل على تدني المستوى اللغوي لبعض هؤلاء الكتاب، من جهة، وعلى إهمالهم وعدم اهتمامهم باللغة العربية، من جهة ثانية. ولعلنا نلتمس لهم العذر، في الجانب الأول، فنستنتج أن تدني مستواهم ناتج من ضعف مستوى المناهج التعليمية في الوطن العربي، بصفة عامة. ونُحمِّلهم ، في الوقت نفسه، مسؤولية الإهمال المتمثل في عدم تصحيح إنتاجهم، بواسطة ما يُعرَف بالمُدقِّق اللغوي، بعد أن أصبحت مهنة المدقّق اللغوي مهنة معروفة ومُعتَرَفاً بها عالمياً، تَمَاماً مثل: مهنة المستشار القانوني، والمستشار العقاري، والمحامي.إلخ. فلماذا لا يكون لنا مستشار لغوي؟ وهنا نريد أن نشير إلى أن وسائل النشر تتحمل مسؤولية أخلاقية، في حالة نشر ما يُفسِد الذوقَ السليم، من نصوص ركيكة مهلهلة، لأن هذه النصوص ستؤثر في القارئ تأثيراً سلبياً، فالقارئ يتأثر ، سلباً أو إيجاباً، بما يقرأ.

ولا نكون مبالغين إذا قلنا إن هذا النوع من النصوص يعتبر من "الملوِّثات الفتَّاكَة"، فَضرَرُ مُلوِّثات البيئة أخفّ من ضرر "ملوِّثات " اللسان والفكر، خاصة بالنسبة إلى من ليست لديهم "مناعة" لسانية أو فكرية، وهم العَوَامّ (غير المتخصصين) الذين يقرؤون ما يُكتب ويُحَاكُونَه في كتاباتهم وفي أحاديثهم. وبعد أن تشيع الأخطاء الواردة في هذا النوع من الكتابات أو الأحاديث، يكون من الصعب سَحْبُها من "سوق الاستعمال". وهنا نخضع للأمر الواقع، ونقول: هذا الخطأ أصبح مشهوراً، و"خطأ مَشْهُورٌ خَيْرٌ مِن صَوَابٍ مَهْجُور". وهذه كارثة، لأن هذا الخطأ أصبح مشهوراً بين عشية وضحاها، بسبب ثورة الاتصال، وإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة، فالنتيجة معروفة سَلَفاً.

وارتباطاً بما سبق، فإننا لو تتبعنا ما يدور من حوار منقول على الفضائيات العربيـة – على سبيل المثال- لوجدنا أخطاء، كان من المفروض أن يتجنبها من لديه إلمام بقواعد اللغة العربية. من هذه الأخطاء:
- فتح همزة "إنّ" في موضع كسر، وكسرها في موضع فتح . ولكثرة فتح هذه الهمزة (خطأ) بعد القول، نُذَكِّرُ القارئ الكريم بأن هذه الهمزة تُكسَر بعد القول مباشرة، نحو: " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ"، ولا تُفتَح إلا إذا أُجري القولُ مُجْرى الظّنّ، نحو: (أَتَقُولُ أَنَّ الْعَدْلَ مَعْدُومٌ).أي تظنّ.
- الخلط بين همزة الوصل وهمزة القطع. من المعلوم أنّ همزة الوصل تُلفَظ في بدء الكلام وتسقُط في دَرَجه، ويُهمَل رسمُها، بينما همزة القطع تُلفَظ في بدء الكلام وفي دَرَجهِ، ويجب رسمُها دائماً.

- أخطاء في استعمال حروف الجر. إننا نتفق مع الرأي القائل: إنّ حروف الجر ينوب بعضُها عن بعض إذا لم يَلْتَبِس المعنى، ومع ذلك يجب وضع هذه الحروف كما وردت في المعاجم، مراعاةً للدّقّة.
- أجاب سؤالَه أو أجاب عن سؤاله، أدقُّ من: أجاب على سؤاله.
-آخذه بذنبه، أدقُّ من: آخذه على ذنبه.
- فكّر في الرجوع إلى مسقط رأسه، أدقُّ من: فكّر بالرجوع إلى مسقط رأسه...إلخ.
وتتأكد هذه الدقة إذا التبس المعنى، نحو: رَغِب في الشيء: أراده ورغِب عن الشيء: تركه زهد فيه.

- أخطاء مختلِفَة، بعضها ناتج من عدم الإلمام بالقواعد النحوية والصرفية، وبعضها ناتج من عدم ضبط الكلمات بالشكل التام وتعوُّدِ الناس على نطقها بهذا الشكل

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة