الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنتركهم يسرقون شهر رمضان؟

أنتركهم يسرقون شهر رمضان؟

أنتركهم يسرقون شهر رمضان؟

من المُجْمَع عليه بين أهل العلم سلفاً وخلفاً، أن من الثمار اليانعة لصيام شهر رمضان أن يزداد الحس الإيماني عند الصائم عمقاً ورهافةً، وأن تصفو نفسه عن ذي قبل وتغدو أسرع استجابةً لأحكام دينه، وأشد نفوراً من دواعي الخلل والانحراف.
وكل هذه العناوين قد جاءت موجزة بليغة معبرة بلغة لا ترقى إلى بلاغتها لغة، لأنها كلام العلي القدير عز وجل.
قال سبحانه: {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [سورة البقرة:الآية 183].
وما من مسلم يصوم رمضان إيماناً واحتساباً إلا ذاق حلاوة التقوى تلك، فالشهر الكريم مدرسة للصبر والتزود من خشية الله والمنافسة في الخيرات. وهو فرصة لمراجعة النفس وتصويب السلوك وترويح القلوب وتقويم العوج.

أما على مستوى الأمة، فقد كان شهر الصوم شهراً متميزاً في قرون تميزها، أنجزت فيه الفتوحات الرائعة، وكتب الله لها النصر في محطات فاصلة وحاسمة، بدءاً بغزوة بدر الكبرى ثم فتح مكة، ومروراً بموقعة حطين البهية. بل إن النصر اليتيم الذي حققه العرب على الصهاينة في حرب نظامية تم في شهر رمضان 1373للهجرة (1973م).

غير أن أعداء الأمة وأدواتهم التغريبية ممن يتسمون بأسمائنا ويتكلمون بلساننا، يسعون دائماً إلى مسخ الإسلام وتشويهه، بعد أن يئسوا من استئصاله. فهم لم يتوقفوا عند دعوتهم الهدامة إلى حصر الإسلام في نطاق التعبد المحض (من صلاة وصيام)، بل تراهم يبذلون أقصى طاقاتهم لمسخ العبادات نفسها، التي يتظاهرون بأنهم يقبلون بها!!
فالحقيقة هي أنهم يبغضون حتى العبادات بمعناها الضيق، لأنهم لمسوا بقاء تأثيرها في أجيال سابقة تم تزييف وعيها في فترات التسلط التغريبي المعزز بمحاصرة الدين ودعاته وتجهيل العامة بأسسه ومبادئه؟

إنها ليست نظرية تآمرية كما يحلو للقوم نعت كل من يميط اللثام عن مكرهم ويعرّي خبثهم ويهتك ستر مخططاتهم، بل هي واقع لم يعد خافياً على ذي عينين.
فلقد كان علمانيو الأمس أقل دهاء من حفدتهم في الوقت الحاضر.

كان الأولون منذ نصف قرن ينشرون الفساد على مدى السنة كلها، لكنهم يمنحونها إجازة في شهر رمضان، أما شر خَلَف لشر سَلَف تجاوزا مرحلة تعميم الفساد ونشر المجون على مدار العام من دون استثناء رمضان، فقد بلغوا ما هو أشد سوءاً إذ راحوا يخصون شهر الصيام بأسوأ ما في جعبتهم من أذى وتهتك.

لقد صار رمضان في وسائل إعلام هؤلاء موسماً لموبقاتهم من مسلسلات هابطة وبرامج تقوم على بث الشبهات والتشكيك في قطعيات الدين من طرف، وعلى الهزء بالخير والافتراء على العلماء والدعاة بذريعة النقد، وهي ذريعة كاذبة خاطئة.
أفليس مما يؤكد دعوانا أن منابر الشر والأذى تلك، حشدت لشهر رمضان الحالي زهاء 125 مسلسلاً رديئاً بكل المعايير الشرعية، تعادل 70% من المسلسلات التي يتم إنتاجها في السنة. وبعبارة أخرى: فإن نصيب الشهر كل شهر –غير رمضان- 4 مسلسلات في حين تقفز حصة شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار 125 !!!!

فإذا تبين للجميع حجم المؤامرة ومداها وعمقها وخطرها، فإنه قد آن الأوان لكي ننهض أفرادأً وجماعاتٍ، بواجب التصدي للمنكر العظيم بالوسائل المشروعة، فبقاؤنا في مقاعد القاعدين مشاركة ضمنية في كيد الأعداء.
ولا يكفي أن نتذمر وننكر بقلوبنا ونترك للمجرمين ذوي القلوب العليلة تمرير ما يحيكون منكراتهم ويروجونها أمام ناظرينا.
ف
بالإضافة إلى تكوين رأي عام متماسك يضع لهؤلاء حداً رغم أنوفهم، عن طريق الضغط الأدبي على الجهات الرسمية التي تغض بصرها، وعلى التجار الذين يدعمون الشر بأموالهم. وأضعف الإيمان هنا هو عدم استسهال انجرار بعض السذج إلى دائرة الخطر من حيث لا يشعرون، سواء من خلال التصويت الأبله، أم البحث العبثي عن أموال السحت التي يُستدرجون إليها تحت اسم المسابقات.
ألا هل بلَغنا. اللهم فاشهد.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة