الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخلوق.. يتحدى خالقه!!

مخلوق.. يتحدى خالقه!!

مخلوق.. يتحدى خالقه!!

روى ابن ماجة في سننه عن بسر بن جحاش رضي الله عنه قال: [بزقَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في كفِّه، ثمَّ وضعَ أصبعَهُ السَّبَّابةَ وقال: يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا ابْنَ آدمَ! أنَّى تُعْجِزُني وقد خلَقْتُكَ من مِثْلِ هذا؟ حتى إذا سوَّيْتُك وعَدَلْتُك، مَشَيتَ بين بُرْديْنِ ولِلأرضِ منكَ وئِيدٌ، فجمعْتَ ومَنعْتَ، حتى إذا بَلَغَتِ التَرَاقيَ قُلتَ: أتَصدَّقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدَقةِ؟!(صحيح ابن ماجة وصحيح الجامع)

أحيانا تأخذ الغفلة بعض البشر، وينسى أصل خلقته، وعجز قدرته، وضعف قوته، وقلة حيلته، ويستهويه الشيطان ويسول له أنه شيء، ولا يزال ينفخ فيه حتى تأخذه العزة بالإثم ويركبه الغرور، فربما تكبر على الخلق واحتقرهم، وربما زاد الغي فأنكر الرب وألحد.. وهذا القسم الأخير فيهم من سوء الأدب مع الله شيء كثير، وقد يغرهم إمهال الله لهم وسعة حلمه بهم وبغيرهم من الكفار والفجار، فيحملهم الحلم إلى التطاول والبذاء، وربما يكون الجزاء بالمرصاد وهم لا يشعرون؛ فيجعل الله منهم آية على قدرته، وعبرة لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد.

تبرج ووقاحة:
منذ فترة تناقل الشباب في فضاء الإنترنت قصة فتاة متبرجة بصورة فجة ، ركبت سيارة أجرة فلفت نظر السائق تهاونها في إبداء مفاتنها، فنصحها بأدب ولطف، ودعاها أن تستر نفسها وتتقي ربها، وذكرها بالله تعالى.. فما كان منها إلا أن زاد غرورها وفجورها وعتوها ونفورها، فأخرجت هاتفها النقال ومدت يدها به إلى السائق قائلة، في تهكم واضح وتهتك فاضح: "خذ الجوال وكلم ربك ليحجز لي مكانا في جهنم"!!!.
وكان القدر لها بالمرصاد، فلم يمهلها فقبضت روحها وهي مادة يدها بجوالها.. فكانت نهاية مخزية وخاتمة مؤلمة.

أربعين سنة:
قديما قرأت قصة في مجلة الأسرة عن شاب أعدمه الفقر، وأعوزه البرد، واضطره الجوع في ليلة قارس بردها عاصف ريحها، عضه الجوع حتى كاد يزهق روحه، فدخل متجرا آنس من ظاهره وحجمه وبهرجه غنى صاحبه، وعندما دخل وجد صاحب المتجر يعد دراهمه وأمواله.. وعلى استحياء سأله شيئا يسد به رمقه.. فما كان من صاحب المتجر إلا أن نظر له بازدراء وتأفف وقال: كم هم أمثالك الذين يمرون علي كل يوم، ولو أعطيت كل واحد درهما لبارت تجارتي وفنيت أموالي.. فقال: وما تصنع دريهمات في مالك، أدعو الله لك أن يحفظ بها مالك ويحمي تجارتك من الزوال.. ومرة أخرى يفعل الخذلان فعلته فينطق الرجل بغرور ونكران: "إن الله يحتاج إلى أربعين سنة ليأخذ مني مالي" ..
وبهت الشاب مما سمع، فهو فقير نعم، لكنه يؤمن بالله العلي القدير.. ثم أقعده البرد فنام.

لم تمر على هذا الموقف المريع وهذا الكلام الفظيع أيام حتى كان الرجل صاحب المتجر قد طلق زوجته، وكانت هي صاحبة القصر الذي يؤويه، والمتجر الذي يتاجر فيه، والمال الذي يكنزه، فسلبته كل ذلك وطردته شر طردة.. فخرج في لحظة من كل ذاك النعيم..
قابله الفقير فمال على أذنه وقال: إن الله لا يحتاج إلى أربعين سنة.. ولا أقل منها حتى يسلب منك مالك.

قارون:
لقد كان قارون ممن يضرب به المثل في الغنى على مر الدهور وكر العصور، والقرآن الكريم اختاره ليكون مضرب المثل للغني الفاجر المتعجرف الكافر.. ملأت كنوزه الأرض وكثرت خزائنه حتى ضج الرجال الكثر ذوو القوة والبأس من حمل مفاتيحها..

دعاه نبي الله موسى عليه السلام للإيمان، ودعاه قومه ليحسن في مال الله الذي وهبه إياه، ولا يبغ الفساد في الأرض، وأن يشكر نعمة الرب، فأعجبه ماله، وأطغاه غناه {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}، وأنكر نعمة الله ونسب الفضل لنفسه {قال إنما أوتيته على علم عندي}.. فلما زاد الطغيان عن الحد، لم يكن من إهلاكه بد، {فخسفنا به وبداره الأرض}.
إن التاريخ القديم والحديث ممتلئ بهذه الوقائع التي فيها عبرة للمعتبرين، وزجر للمتطاولين، ولكن يبدو أن بعض الحمقى لا يتعظون ولا يعتبرون، وبعض الناس ليست له عبرة إلا من نفسه..

في ركب الحمقى:
في أيامنا ظهرت فتاة عربية عمدت إلى إرسال رسائل نصية عبر الهواتف النقالة، وكتبت تويتات في تويتر، وكتبت في الفيس بوك، عبارات مشينة وكلمات بذيئة فيها كفر صراح، تتطاول فيها على الرب الكريم والنبي الأمين والدين والعظيم؛ تزعم أنها تتحدى بذلك الله، جل جلاله،!!!، وأنها لن تتوقف حتى يأتيها عقاب الله، والذي تعتقد أنه لن يأتي أبدا.

قلت مسكينة.. انضمت إلى جيش المساكين، مخذولة سلكت نفس سبيل المخذولين، حمقاء رضيت بفعل أهل الحماقة.. وهو الداء الذي لا دواء له..
لكل داء دواء يستطب به .. .. إلا الحماقة أعيت من يداويها

وهل تطفأ الشمس بالنفخ فيها؟، وهل يضر السحاب نبح الكلاب؟، وهل يضر البحر أن ألقى فيه غلام بحجر؟
ما ضر شمس الضحى في الأفق ساطعة .. .. ألا يرى نورها من ليس ذا بصر

لا يضر البحر أمسى زاخرا .. .. أن رمى فيه غلام بحجر

فسبحان من يعمي هؤلاء الخلق عن الاعتبار والادكار، وأخذ العبرة ممن سبق وغبر.. ولكن صدق الله.. {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة