الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحواجز المصطنعة

الحواجز المصطنعة

الحواجز المصطنعة

كثيرا ما نضع حواجز نصنعها بأنفسنا فتحول بيننا وبين فئات من الناس، أو بين مجالات وميادين يمكن أن يكون لها أثر بالغ، فتعوقنا عنها هذه الحواجز التي صنعناها بأنفسنا. وتأثير هذه الحواجز لا يقف عند مجرد التعويق عن العمل، بل إننا حين نعمل ونحن نعيش تحت وطأة هذه الحواجز فإننا نعمل بروح منهزمة، تنتظر الفشل. وفرص النجاح للذين يعملون بهذه النفسية أقل بكثير ممن يعمل وهو ينتظر النجاح. فالأول لا يؤدي العمل كما ينبغي، ولا يضع النجاح الذي يتحقق في إطاره الطبيعي، ويُحمِّل نفسه تبعات الفشل الذي لا يتحمله، بل هو نتاج عوامل خارجة عن إرادته.

ومن هذه الحواجز المصطنعة تقويمنا للناس، فقد نصدر أحكاما قاسية على بعض الناس، وقد نصف بالانحراف طائفة ممن ليسوا كذلك، فسيطرة الأفكار المنحرفة والآراء المخالفة للشرع تدفع ببعض المسلمين إلى التأثر بها وتبنيها والدفاع عنها، وإن كان هؤلاء لا يدركون أبعادها ومراميها، ومن ثم نصنف هؤلاء ضمن إطار التيار العلماني، ونقف موقف الرفض والقطيعة لكل من سمعنا منه شيئاً من ذلك. وقد يكون لدى هؤلاء خير كثير، وبيننا وبينهم قواسم مشتركة فنخسرهم لأجل هذا التقويم الخاطئ.

ومن الحواجز ما نفرضه بيننا وبين المجتمع، فثمة شرائح كثيرة في المجتمع بينهم وبين الدعاة والخيرين قطيعة ونفرة، ولا يزالون ينظرون إلى الدعاة وطلبة العلم على أنهم يمثلون تياراً تقليدياً متخلفاً. ونحن نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية نحو إزالة الحواجز مع هؤلاء. ولو سعينا لذلك لانفتحت أمامنا ميادين واسعة من العمل، وساحات كبيرة من التأثير.

وثمة حواجز نفسية تعوقنا عن العمل أو الانطلاق فيه، ومن ذلك الخوف من الفشل، فكثير منا يسيطر عليه الشعور بالفشل قبل أن يبدأ في العمل، وتسبق احتمالات الفشل لديه احتمالات النجاح، وهذا الحاجز يعوق عن أعمال كثيرة طموحة ومنجزة، وحين يندفع صاحبه للعمل فإنه يعمل بروح محبطة، والمحبطون قلما ينجحون.

ومن الحواجز النفسية تضخيم الأعداء، إما بالمبالغة في تصوير قدراتهم وإمكاناتهم، أو النظرة إليهم على أنهم ليس لهم شأن ولا أمر يشغلهم سوى الكيد والتآمر علينا نحن، وقد أثبتت الوقائع القديمة والمعاصرة أن قدرة هؤلاء محدودة، وفشلوا في مواقف وتجارب عدة، وهذا حين ننظر بالحسابات المادية القريبة، فكيف حين نضع في حسابنا أن قدرة الله فوق كل شيء وأنه لا غالب لأمره ولا راد لقضائه؟

ومن الحواجز النفسية احتقار الذات، وإعطاء النفس أقل من حجمها، سواء على المستوى الشخصي والفردي، أم على مستوى قدرات وإمكانات الصحوة، فنحن في كثير من المواقف نهون من الإماكانات المتاحة لنا، ونقلل من مساحات التأثير التي نستطيع التحرك من خلالها، وهذا لابد أن يترك أثره على تخطيطنا وممارستنا.

ومن الحواجز النفسية الأوهام التي تسيطر على بعضنا، فتعوقنا كثيراً، أو تحبط كثيراً من المشروعات الطموحة.

إن اعتدالنا في الحديث عن المشكلات وتصويرها بحجمها الطبيعي، وعدم الخلط بين التواضع واحتقار الذات، وسيطرة روح التفاؤل والإقدام، والتفريق بين تقويمنا لأنفسنا وما ينبغي أن نكون عليه وبين تقويمنا للآخرين... إن هذه الأمور مما تعين على تجاوز هذه الحواجز وتخطي هذه العقبات.

ولنتذكر دوماً أن المتشائمين لا يعملون، وإن عملوا فعطاؤهم محدود. وأننا لن نخسر شيئاً بالتفاؤل المتزن غير المتهور.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة