الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

البحر الزخار المعروف بمسند البزار 10 - 18

البزار - أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار

صفحة جزء
9801 - حدثنا يوسف بن موسى ، نا جرير بن عبد الحميد ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم جفنة من ثريد ولحم ، وكان أحب الشاة إليه الذراع ، فنهس نهسة ، قال : أنا سيد الناس يوم القيامة . فلما رأى ذلك أصحابه قال : ألا تقولون كيف ؟ قالوا : كيف يا رسول الله ؟ قال : يقوم [ ص: 177 ] الناس لرب العالمين يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس من رؤوسهم فيشتد عليهم حرها ، ويشق عليهم دنوها منهم ، فيبلغ منهم الضجر والجزع مما هم فيه ، فيأتون آدم - صلى الله عليه - فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، ألا تشفع لنا إلى ربنا ؟ ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول آدم : إن ربي تبارك وتعالى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وأنه أمرني بأمر فعصيته وأطعت الشيطان ; نهاني عن أكل الشجرة فعصيته ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

فينطلقون إلى نوح صلى الله عليه ، فيقولون : يا نوح ، أنت نبي الله ، وأول من أرسل ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول نوح : إن ربي تبارك وتعالى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وأنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي فأهلكوا ، وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

فينطلقون إلى إبراهيم صلى الله عليه ، فيقولون : يا إبراهيم ، أنت خليل الله ، قد سمع بخلتك أهل السماوات وأهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي تبارك وتعالى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإني أخاف أن يطرحني في النار . وذكر قوله للكوكب : هذا ربي ، وقوله : بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله : إني سقيم ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

فينطلقون إلى موسى صلى الله عليه ، فيقولون : يا موسى أنت نبي الله ، اصطفاك الله برسالاته [ ص: 178 ] وكلمك تكليما ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول موسى صلى الله عليه وسلم : إن ربي تبارك وتعالى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بها ، أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

فينطلقون إلى عيسى صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : يا عيسى ، أنت نبي الله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإني أخاف أن يطرحني في النار - قال عمارة : ولا أعلمه ذكر ذنبا - انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

فيأتوني فيقولون : أنت رسول الله وخاتم النبيين ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك . فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي تبارك وتعالى ، فأقوم منه مقاما لم يقمه أحد قبلي ولن يقومه أحد بعدي ، فيقول : يا محمد اشفع تشفع ، وسل تعط . فأقول : أمتي يا رب أمتي . فيقول : يا محمد أدخل من لا حساب عليه من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر ، فوالذي نفسي بيده إن ما بين الباب أبعد ما بين بصرى ومكة ، أو مكة وهجر
.

قال عمارة : لا أدري أي ذلك قال .

[ ص: 179 ] وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، ولا نعلم رواه عن عمارة إلا جرير .

التالي السابق


الخدمات العلمية