الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إعطاء الأمان بأي لغة تفهم أعطوا بها الأمان

                                                                                                                                                                              6267 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، حدثني الأعمش، عن أبي وائل، قال: كتب إلي عمر بن الخطاب، ونحن محاصروا قصر، فقال: " إذا حاصرتم قصرا، فلا تقولوا لهم: انزلوا على حكم الله وحكمنا، فإنكم لا تدرون ما حكم الله، ولكن أنزلوا على حكمكم، ثم احكموا فيهم ما شئتم، وإذا لقي الرجل الرجل، فقال: مترس، فقد أمنه، وإذا قال: لا تخف، فقد أمنه، وإذا قال: لا تدهل، فقد أمنه، إن [الله] يعلم الألسنة " . [ ص: 281 ]

                                                                                                                                                                              6268 - حدثنا محمد بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا ( هشيم ) ، قال: أخبرنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: لما فتح أبو موسى تستر، وأتى بالهرمزان أسيرا، فقدمت به على عمر بن الخطاب، فقال له: ما لك؟ تكلم، فقال الهرمزان: بلسان ميت أتكلم أم بلسان حي؟ فقال: تكلم فلا بأس، فقال الهرمزان: إنا وإياكم معاشر العرب كنا ما خلى الله بيننا وبينكم، لم يكن لكم بنا يدان، فلما كان الله معكم، لم يكن لنا بكم يدان، فأمر بقتله، فقال أنس بن مالك : ليس إلى ذلك سبيل قد أمنته، قال: كلا، ولكنك ارتشيت منه، وفعلت، وفعلت، فقلت: يا أمير المؤمنين: ليس إلى قتله سبيل، فقال: ويحك أستحييه بعد قتله البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور! ثم قال: هات البينة على ما تقول، فقال الزبير بن العوام: قد قلت له تكلم، فلا بأس، فدرأ عنه عمر القتل، وأسلم، (ففرض) له في العطاء على ألف أو ألفين، شك ( هشيم ) " .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وذكر مالك قصة الهرمزان مختصرا، وقيل [ ص: 282 ] لأحمد بن حنبل : سئل - أظنه الثوري - عن الرجل يدرك العلج، فيقول له: قم، أو ألق سلاحك فيفعل، قال: يرفع عنه القتل، أو يلقى في المقسم. قال أحمد: ما أحسن ما قال، كأنه قد أمنه بهذا القول. قال إسحاق كما قال. وقال أحمد: كل شيء يرى العلج أنه أمان، فهو أمان .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : إذا قال: قف، أو قم، أو ألق سلاحك، ونحو هذا بلسانه، أو بالعربية، فوقف فلا قتل عليه، ويباع إلا أن يدعي أمانا ويقول: إنما رجعت أو وقفت لنداك، فهو آمن، وقال في رجل قال لعلج، وهو في حصنه: اخرج، فخرج، قال: لا يعرض له، وقال أصحاب الرأي في رجل من المسلمين قال لبعض أهل الحرب: أنت آمن، أو قال: قد أمنتك، أو قال: لا بأس عليك، أو قال له بالفارسية: مترس; أو قد أمنت، فهو آمن في ذلك كله .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية