ذكر ضمان الرجل عن الرجل بغير أمره
واختلفوا في الرجل يضمن عن الرجل مالا بغير أمره فيؤدي المال ، ويريد الرجوع به على الذي أدى عنه . فقالت طائفة : يرجع به عليه . هذا قول عبيد الله بن الحسن ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وشبه أحمد ذلك بالأسير يشتريه الرجل من العدو بغير أمره . قال أحمد : أليس كلهم [ ص: 613 ] قال : يرجع عليه بالثمن ، قال أحمد : يرجع عليه بالثمن ، وإن لم يكن أمره أن يشتريه . قال إسحاق كما قال ، لأن اللازم للمسلم إذا عاينه أن يستنقذه ، فإن نوى الارتجاع عليه بما استنقذه كان له شاء الأسير أو [أبى ] .
قال أبو بكر : وفيه قول ثان : وهو أن لا يرجع به عليه إذا أدى عنه بغير أمره وهو متطوع بالأداء في قياس قول الشافعي . وبه قال أصحاب الرأي ، وكذلك نقول ، لأنه متطوع ، وإذا اختلفوا لم يجز أن نلزم الذي أدى عنه الدين ذلك بغير حجة ، ولا نعلم حجة توجب ذلك .
فأما تشبيه أحمد بن حنبل ذلك بالأسير ، وقوله : أليس كلهم قال في الأسير : يرجع عليه بالثمن . فالجواب فيه : أن الناس مختلفون في ذلك ، فإن الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والزهري ، ومالكا ، والأوزاعي ، وشريكا ، وأحمد ، وإسحاق يقولون : يأخذ منه ما اشتراه به .
وفيه قول ثان : وهو أن ذلك ليس على الأسير . هذا قول سفيان الثوري ، والشافعي ، ولا أحسب أحمد حفظ في هذه المسألة إلا قول أولئك ، ولو كانوا قد أجمعوا في الأسير أن له أن يرجع عليه لم يجز أن يجعل قضاء الدين قياسا عليه ، لأن استنقاذ الأسارى واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، وقضاء ديون المسلمين ليس بفرض [عليهم ] كاستنقاذ الأسارى . [ ص: 614 ]
8375 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أطعموا الجائع ، وعودوا المريض ، وفكوا العاني " .
وفي حديث مقسم عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار : أن يعقلوا معاقلهم وأن يفكوا عانيهم بالمعروف .
وقد ذكرت هذا الباب بتمامه في مختصر كتاب الجهاد .


