ذكر الوضوء من الضحك في الصلاة
أجمع أهل العلم على أن الضحك في غير الصلاة لا ينقض طهارة، ولا يوجب وضوءا، وأجمعوا على أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة.
واختلفوا في نقض طهارة من ضحك في الصلاة، فأوجبت طائفة عليه الوضوء، وممن روي ذلك عنه: الحسن، وبه قال: والنخعي، الثوري، وأصحاب الرأي، واحتج محتج بحديث منقطع لا يثبت.
130 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أنا ثنا عبد الله بن بكر، هشام، عن عن حفصة، أبي العالية؛ أن رجلا ضرير البصر جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فتردى في حفرة في المسجد فضحك طوائف من القوم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة.
[ ص: 331 ] وقالت طائفة: ليس على وضوء، روي هذا القول عن: من ضحك في الصلاة جابر بن عبد الله، وأبي موسى الأشعري، والقاسم، وعطاء، والزهري، وعروة.
وروي ذلك عن: مكحول، وبه قال: ويحيى بن أبي كثير، مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكان وأبو ثور، يقول كقولهم، ثم رجع بعد ذلك فقال كما قال الأوزاعي الثوري.
131 - حدثنا نا علي بن الحسن، عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن عن الأعمش، أبي سفيان، عن جابر، قال: يعيد الصلاة ولا يعيد [ ص: 332 ] الوضوء.
132 - حدثنا محمد، نا سعيد، نا هشيم، أنا عن سليمان بن المغيرة، قال: صلى حميد بن هلال، أبو موسى بأصحابه، فرأوا شيئا فضحكوا منه، فقال أبو موسى حيث انصرف من صلاته: من كان ضحك [ منكم ] فليعد الصلاة.
قال إذا تطهر المرء فهو على طهارته، [ ولا يجوز نقض طهارة مجمع عليها، إلا بسنة أو إجماع، أو حجة مع من نقض طهارته ] لما ضحك في الصلاة، وحديث أبو بكر: مرسل، والمرسل من الحديث لا تقوم به الحجة. أبي العالية
وإذا كانت الأحداث التي لا اختلاف فيها مثل: الغائط، والبول، والنوم، وخروج المذي، والريح، تنقض الطهارة في الصلاة؛ وفي غير الصلاة؛ فالضحك لا يخلو في نفسه أن يكون حدثا كسائر الأحداث، فاللازم لمن جعل ذلك حدثا أن ينقض طهارة المرء إذا ضحك في الصلاة وفي غير الصلاة، أو لا يكون حدثا؛ فغير جائز إيجاب الطهارة منه، فأما [ ص: 333 ] أن يجعله مرة حدثا، ومرة ليس بحدث، فذلك تحكم من فاعله.
ومن قول أصحاب الرأي: أن المحدث في صلاته يتوضأ ويبني عليها، ولا تفسد صلاته، ومن تكلم في الصلاة، بطلت صلاته، وعليه أن [ يستقبلها ].
وأوجبوا على حكما ثالثا: جعلوا عليه إعادة الوضوء، وإعادة الصلاة، فلا هم جعلوه كحكم [ الكلام ] الذي هو به أشبه، ولا كحكم سائر الأحداث التي من أصابه ذلك بنى إذا تطهر على صلاته. الضاحك في الصلاة
وقالوا: إذا جلس في آخر صلاته مقدار التشهد من قبل أن يسلم، ثم ضحك من قبل أن يسلم، فقد تمت صلاته هذه، وعليه أن يتوضأ لصلاة أخرى.
وليس يخلو الضاحك في (هذه) الحال أن يكون في صلاة، فعليه أن يعيدها، أو لا يكون في صلاة، فلا وضوء عليه في مذهبهم، فأما أن يكون في صلاة وعليه أن يتوضأ وليس في صلاة؛ لأنه لا إعادة عليه، فهذا غير معقول.
وقد أجمع أهل العلم [ على ] أن من قذف في صلاته، فلا وضوء [ ص: 334 ] عليه، فجعلوا حكم الضحك أعظم من حكم القذف، [ و ] لا يجوز أن يوصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين وصفهم الله في كتابه بالرحمة فقال: ( رحماء بينهم ) وخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن خير الناس القرن الذي هو فيهم، بأنهم ضحكوا بين يدي الله تعالى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم، ولو وصفوهم بضد ما وصفوهم به كان أولى بهم. والله أعلم.