ذكر ما يجب على من حلف بعتق رقيقه وحنث
اختلف أهل العلم فيمن حلف بعتق رقيقه أن لا يفعل أمرا ففعله.
فقالت طائفة: عليه كفارة يمين لدخول هذه اليمين في جملة قوله - عز وجل - : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته ) الآية، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : وللثابت عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم أفتوا بمثل ذلك. "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه"
8913 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو عبيد ، قال: حدثنا [ ص: 129 ] يحيى بن سعيد ، عن ، عن سليمان التيمي ، عن بكر بن عبد الله المزني أبي رافع ، ليلى بنت العجماء جعلت كل مملوك لها محررا، وكل مال لها هديا، وهي يهودية، وهي نصرانية، إن لم تطلق امرأتك، وإن لم يفرق بينكما، قال: فأتيت أن مولاته (فقال) : زينب بنت أبي سلمة تجيبني بنت أم سلمة ، فجاءت معي، فقامت على الباب، فقالت: ها هنا هاروت وماروت، فقالت: إني جعلت كل مال لي هديا، وكل مملوك لي محررا، فأعادت عليها الكلام، فقالت: خل بين الرجل وامرأته، فأتى ، فأرسلت إليها، فجاءت فدخلت عليها، فأخبرتها أنها قالت كذا وكذا، فقالت: خل بين الرجل وبين امرأته، فأتى حفصة ، فجاء معه إليها، فقالت: بأبي أنت وبأبي أبوك، فقال: أمن حديد أنت أو من حجارة أنت؟! أتتك ابن عمر زينب ، وأرسلت إليك ، فقالت: إني قلت كذا وكذا، فقال: كفري يمينك، وخل بين الرجل وبين امرأته. حفصة
8914 - وحدثونا عن محمد بن يحيى قال: حدثنا الأنصاري محمد بن عبد الله ، قال: حدثنا عن أشعث بن عبد الملك، ، عن بكر بن عبد الله المزني أبي رافع ، قال: فأتيت أن مولاته أرادت أن تفرق بينه وبين امرأته، حلفت، فقالت: هي يوم يهودية ويوم نصرانية، وكل مال لها في سبيل الله، وعليها المشي إلى بيت الله، وكل مملوك لها حر، إن لم تفرق بينهما، ، ابن عمر ، وأبا هريرة، وابن عباس وعائشة، - أو وأم سلمة ، الشك من حفصة الأنصاري - فكلهم قال لها: تريدين أن تكوني مثل هاروت وماروت [ ص: 130 ] يفرقان بين المرء وزوجته، كفري عن يمينك وخلي بينهما.
قال : وقال أبو بكر في الرجل يحلف بعتق مملوكته ثم يحنث، قال: يكفر عن يمينه، وبه قال الحسن البصري . أبو ثور
8915 - وقد روينا عن عطاء ، أنه سأله رجل عن ثم أحبت كلام جاراتها، فقال امرأة حلفت بعتق جارية لها أن لا تكلم جارات لها أربع سنين، عطاء : تصدق بشيء وتكلمهن.
8916 - حدثنا علي، قال: حدثنا أبو عبيد ، قال: حدثنا زيد ومحمد بن جعفر ، عن ، عن شعبة ، عن سلمة بن كهيل عطاء ، عن ، أنها سئلت عن عائشة فقالت امرأة جعلت كل مال لها هدية، وكل مملوك لها عتقا، إن كلمت أخاها، : تكفر يمينها، وتكلم أخاها. عائشة
زاد محمد بن جعفر في حديثه قال: قال سلمة.
وقالت طائفة: يعتق رقيقه، وجب عليه العتق.
كذلك قال ، ابن أبي ليلى ، وسفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والأوزاعي ، وحدثنيه والليث بن سعد علي، عن أبي عبيد ، عنهم.
قال : وبه قال أبو بكر ، الشافعي وأحمد وإسحاق ، وحكي ذلك عن . [ ص: 131 ] ابن المبارك
قال : وقد روينا عن أبو بكر ، ابن عمر أنهما قالا قولا يوافق هذا القول، خلاف القول الأول، وليس بثابت ذلك عنهما. وابن عباس
8917 - حدثنا بحديث ابن عمر ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو عبيد ، قال: حدثنا أبو معاوية ، عن جميل بن زيد، عن قال: ابن عمر من حلف على يمين فيها إصر فلا كفارة له، قال: والإصر: الطلاق، والعتاق، والنذر.
8918 - وحدثنا بحديث ابن عباس إسحاق بن إبراهيم ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر إسماعيل بن أمية، عن عثمان بن أبي حاضر، قال: جعلت امرأة من أهل ذي أصبح فقالت: فسئل عن ذلك مالي في سبيل الله، وجاريتها حرة إن لم يفعل كذا وكذا، لشيء كرهه زوجها ألا تفعله، ، ابن عمر فقالا: أما الجارية فتعتق، وأما قولها: مالي في سبيل الله فتصدق بزكاة مالها. وابن عباس
قال : وقد تكلم بعض أهل الحديث في حديث أبو بكر عثمان بن أبي حاضر فقال: عثمان ليس بالمعروف، ولا نعلم أحدا روى عنه غير إسماعيل بن أمية، وقال غير : عن عثمان بن حاضر، ولا تثبت [ ص: 132 ] شهرة الرجل حتى يروي عنه إمامان، وإذا روى عنه الرجل الواحد فهو مجهول، لا تقوم بحديثه حجة، وعلى أن في حديثه [شيئا] ليس يقول به كثير أحد، وهو أنه قال: ماله في سبيل الله يتصدق بزكاة ماله، فإذا خالف هذا الحديث من دعا إليه فلا حجة له فيه، وأما معمر جميل بن زيد فقد ذكر أنه سمع بشر بن الحكم وذكر أبا بكر بن عياش، جميلا هذا فقال: كان أعرابيا، روى عن ، ولم يسمع منه. ابن عمر
قال : وقد احتج أبو بكر أبو عبيد بأن الطلاق أشبه بالعتق منه بغيره من جهتين:
إحداهما: أنه من حقوق الناس، يكون المملوك لسيده خصما، وليس كذلك سائر الأيمان.
والجهة الأخرى: بأن الطلاق والعتق يقعان عند الحنث معا على تمام منهما من غير أن يحتاج الحالف إلى أن يستأنف ذكر طلاق ولا عتاق.
واحتج غير أبي عبيد بأن وقوع العتق على العبد المحلوف بعتقه إذا حنث (الحالف) في يمينه نظير قول الرجل لعبده: إذا خدمتني سنة فأنت حر، أو: إذا حال [ ص: 133 ] الحول فأنت حر، فالواجب أن يقع العتق على العبد بحنث السيد كما يقع الطلاق على المرأة بحنث الزوج.
قال : ولو شاء محتج للقول الأول بأن يجيب عن هذا الكلام ويقول: إنما يجب حمل الأشياء على النظر إذا لم يكن للشيء أصل في الكتاب والسنة، فأما ما هو داخل في جملة الكتاب والسنة وأقاويل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغير جائز حمل ذلك على النظر؛ لإجماعهم على أن النظر ساقط فيما دلت عليه الحجة من الكتاب والسنة، وقد ذكرنا ما دل عليه الكتاب ودلت عليه السنة في أول الباب، وهو لإجماعه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله خلافا لقولهم، أبو بكر والمدني ، ، والكوفي يرون تقليد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يرون الخروج من جملة قولهم إلا إلى قول مثلهم، ولا يعلم مثلهم خالفهم، فمن كان مذهبه اتباعهم فيما لا كتاب فيه فاتباعهم فيما يدل الكتاب والسنة على موافقة قولهم أولى، والله أعلم. والشافعي