فإن قال قائل : فقد روي عن  عائشة  إباحة المرأة تغطية وجهها في الإحرام ،  وذكر في ذلك ما : 
 1209  - قد حدثنا محمد بن خزيمة ،  قال حدثنا  حجاج بن منهال ،  قال حدثنا حماد ،  عن أم شبيب العبدية ،  أن  عائشة ،  قالت : المحرمة تغطي وجهها إن شاءت .  
قيل له : هذا عندنا على التغطية بالسدل على الوجه ، لا على التغطية بما سواه كما روي عن  عائشة  في غير هذا الحديث . 
 1210  - حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي ،  قال حدثنا أسد ،  قال حدثنا  أبو عوانة ،  عن  يزيد بن أبي زياد ،  عن  مجاهد ،  عن  عائشة ،  قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمون ، إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلا ، فإذا جاوز رفعناه .  
والدليل على ما ذكرنا من ذلك ، أن  عائشة  قد كانت تكره النقاب للمحرمة ،  وتنهاها عنه وروت ذلك عنها أم شبيب  هذه . 
 [ ص: 47 ]  . 
 1211  - حدثنا محمد بن خزيمة ،  قال حدثنا حجاج ،  قال حدثنا حماد ،  عن أم شبيب العبدية ،  عن  عائشة :  أن امرأة سألتها ، ما تلبس المحرمة ؟ فقالت : الخفين ، والقفازين ، والسراويل ، ونهت عن الكحل والنقاب وقد روى ذلك عن  عائشة   عطاء بن أبي رباح .  
 1212  - حدثنا محمد بن خزيمة ،  قال حدثنا حجاج ،  قال حدثنا حماد ،  قال أخبرنا  حبيب المعلم ،  عن  عطاء ،  أن  عائشة  كانت تكره للمحرمة أن تطوف بالبيت وهي منتقبة .  
فدل ما ذكرناه على أن  عائشة  قد كانت تكره تغطية الوجه للمحرمة بالنقاب على مثل ما كان عليه غيرها ، وإن الذي أباحت من تغطية الوجه هو الذي رواه  مجاهد  عنها ، أنها كانت تفعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسدال الثوب على وجهها عند مرور الركب بها وقد روي في ذلك عن  ابن عمر  ما : 
 1213  - حدثنا حجاج ،  قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ،  عن  محمد بن المنكدر ،  قال : رأى  ابن عمر  امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة ، فقال لها : اكشفي وجهك ، فإنما حرمة المرأة في وجهها .  
فهذا  ابن عمر  قد كان يكره للمحرمة سدل الثوب على وجهها ، فدل ذلك أنه قد كان يكره تغطية الوجه لها كما ذكرنا أيضا ، وكان ما روي عن  مجاهد ،  عن  عائشة  في إباحة المرأة السدل على وجهها في الإحرام أولى عندنا لفعلها ذلك كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لإطلاق القياس إياه ، وذلك إنا قد رأينا الرجل المحرم مطلقا له أن يجافي الثوب عن وجهه يستر به الريح والشمس عنه من غير أن يضعه على رأسه الذي يمنعه الإحرام من وضعه عليه ، وكانت المرأة مباحا لها تغطية رأسها في الإحرام ، فكان لها وضعه على رأسها وسدله من رأسها على وجهها ، لأنها تسدله من موضع مباح لها وضعه عليه ، وهي في ذلك كالرجل الذي يواري وجهه من المواضع المباح له مواراته إياه منه . 
 [ ص: 48 ] وهكذا كان  أبو حنيفة ،   وأبو يوسف ،  ومحمد  يقولونه في هذا فيما حدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي حنيفة ،   وأبي يوسف  قال محمد :  وهو قولنا . 
				
						
						
