الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ولو كان هذا الزوج الذي ذكرنا لم يقذف امرأته حتى طلقها طلاقا يملك فيه رجعتها ، ثم قذفها بعد ذلك ، وخاصمته إلى القاضي قبل انقضاء عدتها ، لاعن بينهما ، لأنهما زوجان على حالهما ولو كان طلقها ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، أو بعد خروجها من العدة ، فإن ابن عباس وابن عمر اختلفا في ذلك ، فروي عنهما فيه ما :

                  1996 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، ويوسف بن يزيد ، قالا : حدثنا سعيد بن منصور ، قال أخبرنا هشيم ، قال أخبرنا هشام بن حسان ، عن حسان الأزدي ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عمر ، في رجل طلق امرأته ، ثم قذفها في العدة ، قال : إن كان طلقها ثلاثا جلد الحد ، وألحق به الولد ، ولم يلاعن ، وإن كان طلقها واحدة لاعنها .

                  وقال ابن عباس : إن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة لاعنها .

                  قال جابر بن زيد : وقول ابن عمر أعجب إلينا مما قال ابن عباس .

                  1997 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال حدثنا هارون ، عن عمرو بن هرم ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، مثل ذلك .

                  1998 - حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا سليمان بن حرب ، قال حدثنا حماد بن زيد ، عن القاسم بن عمرو ، عن جابر بن زيد ، قال : كنت أسأل ابن عمر ، وابن عباس ، فآخذ بقول ابن عباس : وأدع قول ابن عمر إلا في هذا ، فإني آخذ بقول ابن عمر ، وتركت قول ابن عباس في رجل طلق امرأته ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، قال : يلاعنها .

                  وقال ابن عمر : إن طلقها واحدة أو اثنتين ثم قذفها في العدة لاعنها ، وإن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة جلد .

                  فأما أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد فكانوا يذهبون في هذا إلى قول ابن عمر وأما الشافعي فكان يذهب في القذف بالولد إلى أنه يلاعن به ، وينتفي عنه ، ويلحق بأمه ، ويستوي في ذلك ثبوت المرأة في العدة وخروجها منها عنده ، وابن عباس فإنما قصد بجوابه [ ص: 434 ] إلى المطلقة ثلاثا التي لم تخرج من العدة .

                  ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدنا الله عز وجل قد أوجب في قذف المحصنات اللائي ليس بزوجات لمن قذفهن ، ما ذكره في قوله عز وجل : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) الآية .

                  وأوجب في قذف الزوجات ما ذكره في قوله : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) الآية فكان ما أوجب عز وجل في قذف المحصنة غير الزوجة لقاذفها ، غير الذي أوجب للزوجة على زوجها القاذف وكان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قد زال نكاحه عنها ، وصار غير زوج لها ، فكان قذفه لها إنما هو قذف المحصنة غير زوجة لا قذف لزوجة ، فوجب أن يكون الواجب عليه في ذلك القذف هو الذي ذكره الله عز وجل في آية قذف المحصنات غير الزوجات .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية