وليطوفوا بالبيت العتيق ) الآية . تأويل قوله تعالى : (
قال الله عز وجل : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) إلى قوله عز وجل ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) .
[ ص: 63 ] فكان الأغلب في هذا الطواف المذكور في هذه الآية أنه طواف يوم النحر ، لأنه قال عز وجل : ( ثم ليقضوا تفثهم ) ، وذلك لا يكون قبل يوم النحر ، ثم قال عز وجل : ( وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) وقد يجوز أن يكون أراد بقوله : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) ، الطواف الذي بينه لنا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأفعاله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة محرما بالحج طاف بالبيت حينئذ ، وروي عنه في ذلك ما :
1243 - قد حدثنا قال حدثنا الربيع المرادي ، أسد ، قال حدثنا قال حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني ، عن أبيه ، قال : جعفر بن محمد ، جابر ، فسألته عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحجج ، ثم أذن في الناس بالعاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج ، فقدم المدينة بشر كثير يلتمسون أن يأتموا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به على البيداء ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، عليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، ما عمل من شيء عملنا به ، فأهل بالتوحيد ، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، ولم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته .
قال جابر : لسنا ننوي إلا الحج ، لسنا نعرف العمرة حتى إذا كنا على آخر طواف على المروة ، قال : إنني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، وجعلتها عمرة ، فمن كان ليس معه هدي فليحلل ، وليجعلها عمرة ، فحل الناس وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي . دخلنا على
[ ص: 64 ] 1244 - وما قد حدثنا محمد بن خذيمة وفهد بن سليمان ، قالا : حدثنا قال : حدثني عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، فذكر بإسناده مثله . جعفر بن محمد ،
1245 - وما قد حدثنا قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، أسد ، قال حدثنا عن أبو عوانة ، عن منصور ، إبراهيم ، عن عن الأسود ، ، قالت : عائشة مكة طاف ولم يحل ، وكان معه الهدي ، فطاف من معه من نسائه وأصحابه ، وحل منهم من لم يكن معه الهدي . خرجنا ، ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
1246 - وما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا قال حدثنا حجاج بن المنهال ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، داود ، عن عن أبي نضرة ، قال : أبي سعيد ، المدينة نصرخ بالحج صراخا ، فلما قدمنا يعني مكة طفنا ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي ، فلما كان عشية عرفة أهللنا بالحج . خرجنا من
قال ففي هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه ، أنهم طافوا بحجهم بعد دخولهم أبو جعفر : مكة ، وقبل وقوفهم بعرفة وهكذا يقول أهل العلم جميعا غير طائفة منهم ، فإنها كانت تذهب إلى أن بعرفة ، وتقول : إن طاف بالبيت قبل وقوفه المحرم بالحج لا ينبغي له أن يطوف بالبيت لحجه إلا بعد وقوفه بعرفة خرج بذلك من حجته ، وحل به منها كما حل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طافوا بالبيت لحجتهم قبل وقوفهم بعرفة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بذلك على ما ذكرنا في هذا الآثار التي قد رويناها في هذا الباب والروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في طوافه بالبيت كثيرة ، فاخترنا منها على هذه الآثار التي ذكرناها ، وتركنا ما [ ص: 65 ] سواها منها ، لأنه لا بيان فيها لشيء مما أردنا ، ولأن في بعضها ذكر طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول منها من الحجر إلى الحجر الأسود ، غير مذكور فيها ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم قبل وقوفه الأسود بعرفة أو بعد وقوفه بها .
ومنها ما قد ذكر فيه أن ذلك الطواف كان منه صلى الله عليه وسلم عند قدومه مكة ، وغير مبين فيه أن إحرامه ذلك صلى الله عليه وسلم كان حجا أو كان عمرة ؟ وقد كان الذين يذهبون إلى تأجيل الطواف للحج حتى يكون قبله الوقوف بعرفة ، ويقولون : إن طاف بالبيت للحج قبل وقوفه بعرفة كان في حكم الخارج من الحج ، وداخل في حكم العمرة ، يحتجون في ذلك بما قد روي عن فيه . ابن عباس
1247 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي ، قال حدثنا قال : وأخبرنا ابن جريج ، أن عطاء ، كان يقول : ابن عباس ، قلت له : من أين كان لا يطوف أحد بالبيت حاج ولا غيره إلا حل يأخذ ذلك ؟ قال : من قبل قول الله عز وجل : ( ابن عباس ثم محلها إلى البيت العتيق ) قلت : فإنما ذلك بعد المعرف قال : كان يراه قبل المعرف وبعده وكان ابن عباس يأخذها من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها في حجة الوداع ، قالها لي غير مرة . ابن عباس
1248 - حدثنا سليمان بن شعيب الكسائي ، قال حدثنا قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، ، قال : أخبرني شعبة ، قال : سمعت قتادة أبا حيان الرقاشي ، أن رجلا : يا لابن عباس أبا عباس ما هذه الفتيا التي قد تقشعت ، أن من طاف بالبيت فقد حل ؟ قال : سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وإن رغمتم . قال
1249 - حدثنا قال حدثنا ربيع المرادي ، أسد ، قال حدثنا عن حماد بن سلمة ، أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، قال عروة ، أضللت الناس يا لابن عباس : قال : [ ص: 66 ] وما ذلك يا ابن عباس ، قال : تفتى الناس أنهم إذا طافوا بالبيت فقد حلوا ، وكان عروة ؟ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يجيئان ملبين بالحج فلا يزالان محرمين إلى يوم النحر ؟ فقال بهذا ضللتم ، أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحدثوني عن ابن عباس : أبي بكر وعمر ؟ ، فقال إن عروة : أبا بكر وعمر ، كانا أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منك . أن
وقد اختلف أهل العلم في إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان قدم مكة وهو عليه في إحرام أصحابه معه حينئذ ، فقال ابن عباس ، وجابر ، وأبو سعيد : كان بالحج خالصا ، على ما قد روينا عنهم في هذه الآثار .
وقالت فيما رواه عائشة ، عنها في حديثها الذي ذكرناه عنها في هذا الباب خرجنا ، ولا نرى إلا أنه الحج ، فكأنها لم تحقق في ذلك ما كان الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، غير أنه قد روى عنها غير الأسود في ذلك ما سنذكره فيما بعد من هذا الباب إن شاء الله . الأسود