فإن قال قائل : فإن الله عز وجل قال بعقب قوله : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) ، تباعا سنة لذلك : ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) .
فدل ذلك على أن الطواف بهما في الحج والعمرة من التطوع الذي قد أمر به فيهما قيل له : ليس ذلك كما ذكرت ، لأنه لو كان كما وصفت لكان الطواف بينهما قربة ، وكان للناس أن يطوعوا بالطواف بينهما وإن لم يكونوا حاجين ، ولا معتمرين وقد أجمع المسلمون أن الطواف بينهما في غير الحج ، وفي غير العمرة ، ليس مما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل ، ولا مما يتطوعون له به ، وأن الطواف بينهما كذلك لا معنى له ، ولا قربة فيه إلا أن يكون في حج أو في عمرة ، فدل ذلك على أن قوله : ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) ، لم يرجع على الطواف بين الصفا والمروة ، ولكنه رجع على قوله ( فمن حج البيت أو اعتمر ) أي من تطوع بحج أو عمرة ، ( فإن الله شاكر عليم ) .
[ ص: 101 ] 1313 - وقد حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة ، قال حدثنا أبو داود ، عن حماد بن سلمة أبي عاصم الغنوي ، عن قال : أبي الطفيل ، : إن قومك يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سعى بين لابن عباس الصفا والمروة ؟ قال : صدقوا . قلت
فهذا يخبر أن الطواف بينهما ، يعني : في الحج والعمرة من السنة ، فقد وافق ذلك ما روي عن ابن عباس في ذلك ، لا ما روي فيه عن عائشة . أنس
وهكذا كان ، أبو حنيفة ومالك ، ، وزفر ، وأبو يوسف ومحمد ، يذهبون في الطواف بين والشافعي الصفا والمروة في الحج والعمرة ، أنه ليس مما لحاج ، ولا لمعتمر تركه ، وإن تاركا إن تركه في حج أو عمرة حتى رجع إلى أهله فعليه لذلك دم ، وتجزيه حجته وعمرته وهكذا حدثنا سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد ، عن ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن أبي حنيفة محمد ، عن ، وعن أبيه ، عن أبي يوسف محمد من رأى كل واحد منهم بما ذكرناه في ذلك وهذا السعي بين الصفا والمروة الذي ذكرنا فإنما يكون بعقب أول طواف يطوفه الحاج لحجه ، فإن كان ذلك الطواف قبل يوم النحر ، فهو طواف مأخوذ من طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجته وعند قدومه مكة على ما قد روينا فيما تقدم منا في هذا الباب ، سعى بعقبه بين الصفا والمروة وإن كان ذلك الحاج لم يطف لحجته قبل يوم النحر ، ثم طاف لها في يوم النحر ، وفيما بعده قبل مضي أيام النحر ، فهو طواف واجب سعى بعقبه بين الصفا والمروة في الحج إلا مرة واحدة .