وينبغي للحاج أن تكون إفاضته من عرفة إذا غربت الشمس ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل فيها .
1400 - حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة ، قال حدثنا أبو أحمد ، عن سفيان الثوري عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، عن ، عن أبيه ، عن زيد بن علي عبيد الله بن أبي رافع ، عن رضي الله عنه ، قال : علي بن أبي طالب بعرفة ، فقال : هذه عرفة ، وهذا الموقف ، ثم أفاض حين غابت الشمس . وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي حديث ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد الذي قد ذكرناه في هذا الباب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إفاضته من عرفة ما يوافق هذا المعنى أيضا وقد روي عن جابر بن عبد الله في ذلك ما : طاوس
1401 - قد حدثنا يونس ، قال أخبرنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبيه ، قال : كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل غرو الشمس ويدفعون من مزدلفة بعد طلوع الشمس ، فأخر الله عز وجل تلك ، وقدم هذه ، أخر الدفع من عرفة إلى غروب الشمس ، وقدم الدفع من المزدلفة قبل طلوع الشمس وهذا قول أهل العلم جميعا ، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا . ابن طاوس
وأما فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) ، فإنه لم يبين لنا في كتابه أن بين عرفة وبين المشعر الحرام فاصلا من مشاعر الحج ، وبينه لنا في سنة رسوله صلى [ ص: 142 ] الله عليه وسلم كما : قوله عز وجل : (
1402 - قد حدثنا ، قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال حدثنا أسد بن موسى ، ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل جعفر ، عن أبيه ، عن ، في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، جابر بن عبد الله أسامة خلفه ، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد شنق القصواء الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : أيها الناس ، السكينة السكينة كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، لم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بنداء وإقامة ، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام ، فرقى عليه ، فحمد الله جل وعز ، وهلله ، وكبره ، فلم يزل واقفا - أظنه قال - حتى أسفر ، جدا ثم دفع قبل أن تطلع الشمس . أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة أردف
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة إلى المزدلفة ، وأنه بات بالمزدلفة حتى أصبح وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم في أمر مزدلفة ما :
1403 - قد حدثنا ، قال حدثنا يزيد بن سنان ، قال أخبرنا يزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عروة بن مضرس ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجمع ، فقلت : يا رسول الله ، هل لي من حج وقد أنضيت راحلتي ؟ فقال : من صلى معنا هذه الصلاة ، وقد وقف معنا قبل ذلك ، وأفاض من عرفات ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه .
1404 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة عبد الله بن أبي السفر ، عن وإسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عروة بن مضرس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
1405 - وما قد حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا حامد بن يحيى قال حدثنا [ ص: 143 ] سفيان ، قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، وزكرياء ، عن الشعبي ، عن وداود بن أبي هند ، قال : الشعبي ، عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي ، يقول : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمزدلفة ، فقلت : يا رسول الله ، جئت من جبلي طيء ، ووالله ما جئت حتى أتعبت نفسي ، وأنضيت راحلتي ، وما تركت جبلا من هذه الجبال إلا وقد وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد معنا هذه الصلاة ، صلاة الفجر بالمزدلفة ، وقد كان وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه . سمعت
قال سفيان : وزاد زكرياء فيه - فكان أحفظ الثلاثة لهذا الحديث - قال ، فقلت : بعرفة من ليل أو نهار ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه . قال يا رسول الله ، أتيت هذه الساعة من جبلي طيء قد أكللت راحلتي ، وأتعبت نفسي ، فهل لي من حج ؟ فقال : من شهد معنا هذه الصلاة ، ووقف معنا حتى يفيض ، وقد كان وقف قبل ذلك سفيان : وزاد قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين برق الفجر ، ثم ذكر الحديث . داود بن أبي هند ،
1406 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا يحيى بن عثمان قال حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني ، ، عن موسى بن أعين عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، عروة بن مضرس الطائي ، قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أحفيت وأتعبت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدرك جمعا ، والإمام واقف فوق مع الإمام ، ثم أفاض مع الناس ، فقد أدرك الحج ، ومن لم يدرك ، فلا حج له .
1407 - وما قد حدثنا محمد بن العباس اللؤلؤي ، قال حدثنا قال حدثنا أسد بن موسى ، محمد بن حازم ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عروة بن مضرس الطائي ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجمع ، يعني المزدلفة ، فقلت : يا رسول الله ، أنضبت راحلتي [ ص: 144 ] وأتعبت نفسي ، ولم يبق جبل من جبال عرفة إلا وقد وقفت به فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى معنا صلاتنا هذه ، وقد كان أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه . عن
ففي حديث عروة بن مضرس هذا توكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مزدلفة فعقلنا بذلك أنها من شعائر الحج وقد روي عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر مزدلفة أيضا ما :
1408 - قد حدثنا ، قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ، سفيان ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن الديلي ، قال : نجد ، فسألوه عن الحج ، فقال : الحج يوم عرفة ، ومن أدرك جمعا قبل صلاة الصبح فقد أدرك الحج . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات ، فأقبل أناس من أهل
ففي هذا الحديث توكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر جمع كنحو توكيد أمرها في حديث عروة بن مضرس الذي ذكرناه . غير أن : يزيد بن سنان
1409 - قد حدثنا ، قال حدثنا قال أخبرنا محمد بن كثير ، ، قال : أخبرني سفيان الثوري بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : بعرفة ، فجاء أناس أو نفر من نجد ، فأمروا رجلا فنادى : يا رسول الله ، كيف الحج ؟ فأمر رجلا فنادى : الحج يوم عرفة ، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه . أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فلم يكن المقصود بالمجيء إليه في هذا لليلة مزدلفة في هذا الحديث ، مزدلفة ولا غيرها وقد يحتمل أن يكون المقصود إليه بالمجيء في تلك الليلة مزدلفة كما في حديث علي [ ص: 145 ] بن معبد ، عن الذي ذكرنا ويحتمل أن تكون عرفة ، فلا يكون للمزدلفة في حديث يعلى بن عبيد عروة بن مضرس الذي روينا حكم . فنظرنا في ذلك ، فوجدنا : أبا بكرة بكار بن قتيبة
1410 - قد حدثنا ، قال حدثنا قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، سفيان ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر ، قال : بعرفة ، فجاء نفر من أهل نجد ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف الحج ؟ قال : الحج عرفات ، من وقف بعرفة قبل أن يطلع الفجر فقد تم حجه . كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكان المقصود بالمجيء إليه ، والوقوف به في هذا الحديث في ليلة مزدلفة ، عرفة ، لا مزدلفة ، فقد اضطرب علينا حديث بكير بن عطاء هذا من رواية على ما ذكرنا ثم نظرنا فيه من رواية سفيان الثوري ، عن شعبة بكير بن عطاء ، كيف هو ؟ فوجدنا : علي بن معبد
1411 - قد حدثنا ، قال حدثنا قال حدثنا شبابة بن سوار ، ، عن شعبة بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحج عرفة أو عرفات ، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد تم حجه .
وقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد الليلة خاصة ، لأنه لو كان أراد الليلة خاصة لكان المسلمون فيها سواء ، ولكنه أراد مفعولا فيها فلم يكن في حديث هذا ما يدلنا عليه ما هو ، فلم نجد فيما ذكرناه من حديث عبد الرحمن هذا ما يدلنا على توكيد أمر مزدلفة ، إلا ما في حديث يعلى بن عبيد خاصة مما قد خالفه فيه غيره ممن ذكرناه ، ثم رجعنا إلى حديث عروة بن مضرس ، فوجدنا الذي فيه من حديث شعبة عبد الله بن أبي السفر ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وزكرياء بن أبي زائدة ، ، ومجالد بن سعيد عن وداود بن أبي هند ، قريبا بعضه من بعض ووجدنا الذي فيه من حديث الشعبي زائدا على ما في أحاديث الخمسة الذين ذكرنا ، لأن في حديثه : ومن لم يدرك ، يعني الوقوف بمزدلفة ، فلا حج له فكان ذلك إن حمل على ما يحمله عليه قوم من كثرة عدد الرواة ، وأنه أولى مما به ينفرد به الواحد دونهم ، كان ما روى هؤلاء الخمسة في ذلك أولى [ ص: 146 ] مما تفرد به مطرف بن طريف وإن حمل ذلك على التكافئ ، فجعل المنفرد عن هؤلاء الخمسة ، إذ كان بينا في حديثه ، مكافئا لهؤلاء الخمسة ، فإنه قد يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم : " ومن لم يدرك ، يعني مزدلفة : فلا حج له " أي لا حج له متكامل الأسباب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : مطرف بن طريف " لا وضوء لمن لم يسم " ليس على معنى أنه لا يكون بالوضوء الذي لا يسمي عليه طاهرا ولا منتقلا من حال حدث إلى حال طهارة ، ولكن على معنى أنه لا يكون به متوضئا الوضوء المتكامل الأسباب المأمور بها فيه وكما قد قال رضي الله عنه : من قدم ثقله فلا حج له . عمر بن الخطاب
1412 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال حدثنا قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، ، عن شعبة الحكم ، عن إبراهيم ، عن عمرو بن شرحبيل ، ، قال : من قدم ثقله فلا حج له . عمر أن
فلم يكن ذلك منه عندنا - والله أعلم - على أنه يكون بتقديمه ثقله في معنى : من لم يحجج ، وكيف يكون ذلك كذلك وقد حج قبل ذلك وحل من حجه ؟ ولكنه في معنى : من حج الحج الناقص عما ينبغي أن يكون يعقبه في وقت الشخوص عن مكة إلى حيث يريد الحاج ، وسنذكر فيما بعد هذا الموضع من كتابنا هذا ، وهل هو في حكم الوقوف حكم الوقوف بمزدلفة ، بعرفة في الحج كما يقول بعض الناس ، أو هو على خلاف ذلك إن شاء الله .