وقد اختلف أهل العلم في الوقت الذي يقطع فيه المحرم بالعمرة التلبية ، فقال بعضهم : إن كانت عمرته من التنعيم فإنه يقطع التلبية حين يرى البيت ، وإن كانت عمرته من بعض المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم وممن قال بذلك منهم  مالك بن أنس  ، حدثنا بذلك  يونس بن عبد الأعلى ،  قال أخبرنا  ابن وهب  ، عن  مالك  ، بذلك . 
ولا وجه لهذا التفريق عندنا ، لأنا رأينا أفعال العمرة كلها تستوي أحكامها من حيث أحرم بالعمرة ، لا يختلف في ذلك حكم العمرة التي أحرم بها من المواقيت . 
وقال بعضهم : يلبي المحرم بالعمرة من حيث أحرم بها إلى أن يستلم الحجر ، ثم يقطع التلبية لها حينئذ وممن قال ذلك منهم  أبو حنيفة  ،  وأبو يوسف  ، ومحمد  ، فيما حدثنا سليمان بن شعيب  ، عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف  ، وعن أبيه ، عن محمد  ، بما ذكرناه عن كل واحد منهم في ذلك ، وهو قول  الشافعي  أيضا . 
فأما ما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فيما : 
 1618  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا حماد  ، قال أخبرنا قيس ،  عن  عطاء  ، عن  ابن عباس  ، أنه كان يلبي في العمرة حتى يستلم الحجر .  
 1619  - وما قد حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، أن  مالكا  ، حدثه عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، أنه كان يقطع التلبية ، يعني في العمرة ، إذا دخل الحرم .  
ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرهما في ذلك شيء ، فنظرنا فيما اختلف فيه من ذلك ، فرأينا عروش مكة  ، وروية البيت ، وبلوغ الحرم ، لا يقطع شيء من ذلك التلبية في الحج ، فعقلنا بذلك أن رويتها في العمرة لا تقطع التلبية أيضا ولما انتفى أن تقطع التلبية في العمرة ، ولم يكن في هذا الباب إلا القولين اللذين رويناهما عن  ابن عباس  ،  وابن عمر  فيه ، فانتفى أحدهما ، وثبت الآخر . 
				
						
						
