الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              468 - وحدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن داود ، قال : حدثنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد [ ص: 298 ] الله : إن رجلا قد تكلم في ذلك الجانب وقد قعد الناس يخوضون فيه ، وقد ذهبوا إلى عبد الوهاب فسألوه ، فقال : اذهبوا إلى أبي عبد الله ، وقد ذهبوا إلى غير واحد من المشيخة ، فلم يدروا ما يقولون ، وقد جاؤوا بكلامه على أن يعرضوه عليك وهذه الرقعة ، فقال : " هاتها . فدفعتها إليه ، فكان فيها : خلق الله عز وجل لنا عقولا ، وألهمنا الخير والشر ، وألهمنا الرشد ، وأوجب علينا فيما أنعم به علينا الشكر . فقال له رجل : وهكذا إيماننا قول وعمل ، ويزيد وينقص ونية واتباع السنة ، وإنما قلت : إنه مخلوق على الحركة والفعل ، إذ كان في هذا الموضع لا على القول ، فمن قال : " إن الإيمان مخلوق يريد القول فهو كافر " ، وبعد هذا يعرض كلامي على أبي عبد الله ، فإن كان خطأ رجعت وتبت إلى الله ، وإن كان صوابا ، فالحمد لله ، فقرأها أبو عبد الله حتى انتهى إلى قوله : وإنما قلت : إنه مخلوق على الحركة والفعل ، فرمى أبو عبد الله بالرقعة من يده ، وغضب شديدا ، ثم قال : " هذا أهل أن يحذر عنه ولا يكلم ، هذا كلام جهم بعينه ، وإنما قلت مخلوق على الحركة ، هذا مثل قول الكرابيسي ، إنما أراد : الحركات مخلوقة ، هذا قول جهم ، ويله إذا ، قال : إن الإيمان مخلوق ، فأي شيء بقي ؟

              النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله " ، فلا إله إلا الله مخلوق ؟


              قال : من أين هذا الرجل ؟ وعلى من نزل ؟ ومن يجالس ؟

              قلت : هو غريب .

              قال : حذروا عنه ، ليس يفلح أصحاب الكلام [ ص: 299 ] .

              ثم غضب غضبا شديدا ، وأمر بمجانبته ، ثم قال أبو عبد الله : انظر كيف قد قدم التوبة أمامه : إن أنكر علي أبو عبد الله تبت ، ولم يرد أن يتكلم بكلام أنكره عليه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية