ثم اعلم أن السفه لا يستلزم الفسق ، لما في الذخيرة من حجر السفيه المبذر المضيع لماله ، سواء كان في الشر ، بأن جمع أهل الشراب والفسقة في داره ويطعمهم [ ص: 143 ] ويسقيهم ويسرف في النفقة ويفتح باب الجائزة والعطاء عليهم ، أو في الخير ، بأن يصرف ماله في بناء المساجد وأشباه ذلك فيحجر عليه القاضي صيانة لماله ( انتهى ) . وذكر الزيلعي أن السفيه
7 - من عادته التبذير والإسراف في النفقة .
8 - وأن يتصرف تصرفا لا لغرض أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا مثل : دفع المال إلى المغني واللعاب وشراء الحمام الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات من غير محمدة . وأصل المسامحات في التصرفات والبر والإحسان مشروع ، والإسراف حرام كالإسراف في الطعام والشراب ( انتهى ) . والغفلة من أسباب الحجر عندهما أيضا . والغافل ليس بمفسد ولا يقصده لكنه لا يهتدي إلى التصرفات الرابحة ; فيغبن في البياعات لسلامة قلبه .
ذكره الزيلعي أيضا .
ولم أر حكم شهادة السفيه ولا شك أنه إن كان مضيعا لما له في الشر ، فهو فاسق لا . تقبل شهادته ، وإن كان في الخير فتقبل ، وإن كان مغفلا لا تقبل شهادته . لكن هل المراد بالمغفل في الشهادة المغفل في الحجر ؟ قال في الخانية : ومن اشتدت غفلته لا تقبل شهادته [ ص: 144 ] انتهى ) . وفي المغرب : رجل مغفل على اسم المفعول من التغفيل وهو الذي لا فطنة له ( انتهى ) . وفي المصباح : الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له ( انتهى ) . والظاهر أن المغفل في الحجر غيره في الشهادة ; وهو أنه في الحجر من لا يهتدي إلى التصرف الرابح وفي الشهادة من لا يتذكر ما رآه أو سمعه فلا قدرة له على ضبط المشهود به .
[ ص: 143 ]